ما هو البراق الذي حمل الرسول
البراق دابة بيضاء، طوله فوق الحمار، ودون البغل، حافره عند منتهى طرفه، له لجام، وسراج.
كل قارئ لسيرة رسول الله صلَّ الله عليه وسلم، وكل مسلم علِم عن ليلة الإسراء يسأل شيخه ما هو البراق الذي حمل الرسول ليلة الإسراء والمعراج؟ إليك ما قاله رسول الله صلَّ الله عليه وسلم في وصفه: ( أُتِيتُ بِالْبُرَاقِ، وَهُوَ دَابَّةٌ أَبْيَضُ، طَوِيلٌ، فَوْقَ الْحِمَارِ، وَدُونَ الْبَغْلِ، يَضَعُ حَافِرَهُ عِنْدَ مُنْتَهَى طَرْفِهِ)، يضع حافره عند منتهى طرفه تعني أن خطوته تصل إلى منتهى بصره.
قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: (الْبُرَاقُ: اسْمُ الدَّابَّةِ الَّتِي رَكِبَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ، قَالَ ابن دُرَيْدٍ: اشْتِقَاقُ الْبُرَاقِ مِنَ الْبَرْقِ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ، يَعْنِي لِسُرْعَتِهِ، وَقِيلَ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لِشِدَّةِ صَفَائِهِ وَتَلَأْلُئِهِ وَبَرِيقِهِ، وَقِيلَ: لِكَوْنِهِ أَبْيَضَ، وَقَالَ الْقَاضِي: يَحْتَمِلُ أَنَّهُ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِكَوْنِهِ ذَا لَوْنَيْنِ، يُقَالُ شَاةٌ بَرْقَاءُ، إِذَا كَانَ فِي خِلَالِ صُوفِهَا الْأَبْيَضِ طَاقَاتٌ سُودٌ، قَالَ: وَوُصِفَ فِي الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ أَبْيَضُ، وَقَدْ يَكُونُ مِنْ نَوْعِ الشَّاةِ الْبَرْقَاءِ، وَهِيَ مَعْدُودَةٌ فِي الْبِيضِ).
ترجع تسميته إلى كونه سريه فاشتُّق إسمه من البرق، أو لأنه صافٍ متلألأ، نقل النووي في شرح مسلم: (إن البراق مشتق من البرق لسرعته، وقيل لبريقه، وشدة صفائه، وتلألئه).
هل يمتلك البراق جناحان
لم يثبت أنه كان له جناحان .
ورد لنا هذا الحديث: ( سَخَّرَ الله لِيَ الْبُرَاق ، خير من الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا، وَهِيَ دَابَّةٌ مِنْ دَوَابِّ الْجَنَّةِ، وَجْهُهُ كَوَجْهِ آدَمِيٍّ، حوافيره كحوافر الْخَيل، وذنبها كذب الْبَقَرَةِ، فَوْقَ الْحِمَارِ وَدُونَ الْبَغْلِ، سرْجُهُ مِنْ يَاقُوتٍ أَحْمَرَ، وَرِكَابُهُ مِنْ دُرٍّ أَبْيَضَ مَزْمُومٌ بِسَبْعِينَ أَلْفَ زِمَامٍ مِنَ الذَّهَبِ، لَهَا جَنَاحَانِ مُكَلَّلانِ بِالدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ، مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ)، ويقول ابن الجوزي عن هذا الحديث: (هَذَا حَدِيثٌ لَا نَشُكُّ فِي وَضْعِهِ، فَمَا أَجْهَل وَاضعه ، وَمَا أرك لَفظه وأبرده، وَلَوْلَا أَنِّي أتهم بِهِ غُلَام خَلِيل، فَإِنَّهُ عَامي كَذَّاب لَقلت إِن وَاضعه قصد شين الْإِسْلَام بِهَذَا الحَدِيث).
وقد ورد من حديث ابن عباس مرفوعًا إلى النبي صلَّ الله عليه وسلم أنه قال: ( فإذا أنا بالبراق، دابة فوق الحمار، ودون البغل، خدّه كخد الإنسان، وذنبه كذنب البعير، وعرفه كعرف الفرس، وقوائمه كقوائم الإبل، وأظلافه كأظلاف البقر، وصدره كأنه ياقوتة حمراء، وظهره كأنه درة بيضاء، عليه رحل من رحائل الجنة، وله جناحان في فخذيه، يمر مثل البرق، خطوة منتهى طرفه)، وهو مثل ما سبقه حديث ضعيف الإسناد لا يصلح أن يُستند إليه في إثبات أن البراق كان له جناحان.
هل البراق خُلق للرسول
لا، كان يركب البراق الأنبياء قبل رسول الله صلَّ الله عليه وسلم.
ثبت أن البراق كان معدًا لركوب الأنبياء قبل محمد صلَّ الله عليه وسلم، فعَنْ أَنَسٍ: (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِالبُرَاقِ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ ، مُلْجَمًا، مُسْرَجًا، فَاسْتَصْعَبَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: أَبِمُحَمَّدٍ تَفْعَلُ هَذَا؟ فَمَا رَكِبَكَ أَحَدٌ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْهُ، قَالَ: فَارْفَضَّ عَرَقًا)، وهو حديث صحيح يُثبت بكلام جبريل عليه السلام أن البراق دابة رُكبت من قبل.
وقد ورد وصف البراق الذي ركبه النبي صلَّ الله عليه وسلم في الصحيحين ، فروى البخاري، ومسلم عنه صَلَّ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( أُتِيتُ بِالْبُرَاقِ، وَهُوَ دَابَّةٌ أَبْيَضُ، طَوِيلٌ، فَوْقَ الْحِمَارِ، وَدُونَ الْبَغْلِ، يَضَعُ حَافِرَهُ عِنْدَ مُنْتَهَى طَرْفِهِ، قَالَ: فَرَكِبْتُهُ حَتَّى أَتَيْتُ بَيْتَ الْمَقْدِس، قَالَ: فَرَبَطْتُهُ بِالْحَلْقَةِ الَّتِي يَرْبِطُ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ)، وهو دليل آخر قاطع على ركوب الأنبياء من قبله صلَّ الله عليه وسلم للبراق، وقد كانوا يربطوه بالحلقة التي ربطه بها رسول الله صلَّ الله عليه وسلم.[1][2]
إلى أين كان الإسراء
أخذ البراق النبي صلَّ الله عليه وسلم، وجبريل عليه السلام من مكة إلى بيت المقدس، ثم عرجا إلى ما فوق السماء السابعة.
رزق الله نبيه صلَّ الله عليه وسلم بالإسراء والمعراج بعد عشر سنوات من الدعوة في مكة، فأُسري به إلى بيت المقدس، وعُرج به إلى السموات السبع، حتى تخطاهم جميعًا وهناك فوق السماء السابعة فُرضت علينا الصلوات الخمسة، والتي كانت خمسين، وما برح النبي صلَّ الله عليه وسلم يطلب التخفيف عن الأمة حتى جعلهم سبحانه وتعالى خمسة فروض في اليوم والليلة، ونادى منادٍ يقول: (إني قد أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي.
يقول سبحانه وتعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ)، فقد أسرى سبحانه وتعالى بنبيه من مكة إلى المسجد الأقصى على البراق، ثم بدأت رحلة المعراج بعد ذلك.
المعراج
عرج الرسول صلَّ الله عليه وسلم إلى السماء، وكان جبريل عليه السلام يستأذن له عند كل سماء فيؤذن له، قابل آدم عليه السلام في السماء الدنيا، فرحب بالنبي وقال: (مرحبًا بالنبي الصالح، والإبن الصالح)، وفي السماء الثانية قابل ابني الخالة (عيسى، ويحيى)، فرحبا به وقالا: (مرحبًا بالنبي الصالح، والأخ الصالح)، وفي السماء الثالثة رحَّب به يوسف عليه السلام، وفي الرابعة إدريس عليه السلام، وفي الخامسة هارون عليه السلام، وفي السادسة موسى عليه السلام، وقد رحبوا به جميعًا.
حتى وصلا إلى السماء السابعة ليجدا بها إبراهيم عليه الصلاة والسلام، فقال مثلما قال آدم، فآم أبو البشر، وإبراهيم أباه صلَّ الله عليه وسلم، فهو من ذريته، فرحَّب به إبراهيم وقال: (مرحبًا بالنبي الصالح، والإبن الصالح)، ثم عرج إلى مستوى يفوق مستوى السماء السابعة، وسمع صريف الأقلام التي يُكتب بها القضاء والقدر، كلمه سبحانه وتعالى وفرض عليه خمسين فريضة في اليوم والليلة، ولم يزل رسول الله صلَّ الله عليه وسلَّم يطلب التخفيف حتى فرض الله خمسًا في اليوم والليلة، وأجرها خمسين فريضة.
ماذا رأى النبي
عدة أنبياء في كل سماءٍ نبي، ونهران ظاهران، ونهران باطنان، ورأى آدم ينظر إلى أهل الجنة، وأهل النار.
مما رآه النبي في رحلته إلى السماء ما ورد عن مالك بن صعصعة عن رسول الله صلَّ الله عليه وسلم أنه قال: (أَنَّهُ رَأَى أَرْبَعَةَ أَنْهَارٍ يَخْرُجُ مِنْ أَصْلِهَا نَهْرَانِ ظَاهِرَانِ، وَنَهْرَانِ بَاطِنَانِ “فَقُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ مَا هٰذِهِ الأَنْهَارُ؟ قَالَ: أَمَّا النَّهْرَانِ الْبَاطِنَانِ فَنَهْرَانِ فِي الْجَنَّةِ. وَأَمَّا الظَّاهِرَانِ فَالنِّيلُ وَالْفُرَاتُ).
وفي حديث أبي ذر أَنَّ رَسُولَ اللّهِ صلَّ الله عليه وسلم قَالَ: (فُرِجَ سَقْفُ بَيْتِي وَأَنَا بِمَكَّةَ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ، فَشَقَ صَدْرِي، ثُمَّ غَسَلَهُ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ. ثُمَّ جَاءَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مُمْتَلِئَا حِكْمَةً وَإِيمَانا فَأَفْرَغَهَا فِي صَدْرِي، ثُمَّ أَطْبَقَهُ ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي عَرَجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ، فَلَمَّا جِئْنَا السَّمَاءَ الدُّنْيَا، فَإِذَا رَجُلٌ عَنْ يَمِينِهِ أَسْوِدَةٌ وَعَنْ يَسَارِهِ أَسْوِدَةٌ،
قَالَ: فَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ يَمِينِهِ ضَحِكَ، وَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ شِمَالِهِ بَكَىٰ، قَالَ: فَقَالَ: مَرْحَبا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ، وَالاِبْنِ الصَّالِحِ، قَالَ قُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ مَنْ هٰذَا؟ قَالَ: هٰذَا آدَمُ، وَهٰذِهِ الأَسْوِدَةُ عَنْ يَمِينِهِ، وَعَنْ شِمَالِهِ نَسَمُ بَنِيهِ، فَأَهْلُ الْيَمِينِ أَهْلُ الْجَنَّةِ، وَالأَسْوِدَةُ الَّتِي عَنْ شِمَالِهِ أَهْلُ النَّارِ، فَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ يَمِينِهِ ضَحِكَ، وَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ شِمَالِهِ بَكَى قَالَ ثُمَّ عَرَجَ بِي جِبْرِيلُ حَتَّى أَتَىٰ السَّمَاءَ الثَّانِيَةَ)، وقد علمنا من قابل في كلِ سماء، وهذا مما رأى صلَّ الله عليه وسلم في رحلته.[3][4]