حياة الرسول قبل البعثة
من حكمة الله عز وجل أن بعث لنا بشرًا رسولًا، ولو أراد لجعله ملكًا، لكنه جعله قريبًا من الناس، يأكل مما يأكل الناس ويمشي في الأسواق، وكانت بداية النبي عليه الصلاة والسلام بداية متواضعة كراعي للغنم.
نشأ النبي عليه الصلاة والسلام يتيم الأب والأم، فقد توفي والده عبد الله قبل ولادته، وتوفيت أمه آمنه عندما بلغ من العمر ست سنوات، كفله عمه أبو طالب، وذكره الله تعالى في القرآن الكريم، قال تعالى { أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى }(الضحى:6)، ونشأ النبي عليه الصلاة والسلام في أول سنوات حياته في الصحراء، فاكتسب قوة البنية، وفصاحة اللسان العربي.
عندما كان النبي عليه الصلاة والسلام شابًا، كان يعمل مع عمه أبي طالب في رحلاته التجارية، واستطاع في فترة قصيرة أن يتقن التجارة، واكتسب النبي عليه الصلاة والسلام قبل البعثة بأخلاقه الحميدة ثقة الناس، فلُقب بالصادق الأمين، وكان الناس لا يأمنون على أشيائهم النفيسة إلا عنده.
تعرف النبي عليه الصلاة والسلام على خديجة عبر الأعمال التجارية، وعرضت عليه استثمار أموالها لما عُرف من أخلاقه الحميدة، ثم تجوزها بعد برهة قصيرة، وعندما كان عمره خمسة وثلاثين عامًا اختاره قومه كي يحكم بينهم في الحجر الأسود، فاختار لهم حلًا منصفًا بحيث تحمل كل قبيلة الرداء الذي يحوي الحجر الأسود، وبذلك منع مشكلة كبيرة أن تنشب بين القبائل.
كانت حياة النبي عليه الصلاة والسلام قبل البعثة حياةً شريفة، لم يكن فيها أي زلة عندما كان شابًا، بالرغم من أنه عاش في حياة الجاهلية، إلا أنه لم يدنس نفسه بعادات الجاهلية على الإطلاق، فلم يسجد لصنم حتى قبل الدعوة، وقبل البعثة النبوية، وهذا الحديث يوضح ذلك: لما لقي بحيرى الراهب قال له: أسألك بحقّ اللّات والعزّى إلّا أخبرتني عما أسألك عنه، وكان بحيرى سمع قومه يحلفون بهما، فقال له النبي: «لا تسألني بحق اللّات والعزّى شيئا، فو الله ما أبغضت شيئا قط بغضهما
خلال السنوات التي عاشها النبي عليه الصلاة والسلام في مكة، لم يطمئن قلبه لعبادة الأصنام على الإطلاق، ولم يتخذها ليوم واحد ألهةً، ولم ينغمس في مظاهر الفسق والفجور التي كانت شائعة في الجاهلية، بل كان يعتزل قومه في غار حراء ليذكر الله، ويفكر في عظمة الأكوان، وبقي النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الحال حتى جاءه الوحي بعمر الأربعين سنة.
الاخلاق التي اشتهر بها الرسول صلى الله عليه وسلم قبل البعثة
اتسمت حياة النبي عليه الصلاة والسلام بالعفة والشرف، حتى عندما كان شابًا لم تُحسب له اي زلة، وحفظه الله عز وجل من هفوات أهل الجاهلية، لأنه لم يرد له أن يتلطخ بأخطائهم وعثراتهم، فُعرف النبي عليه الصلاة والسلام منذ سن صغير بالنجابة، ولقب بالصادق الأمين، وكان أكثر الناس حلمًا، وأحسنهم نسبًا وخلقًا وجوارًا، وأبعد ما يكون عن الفحش والأخلاق والأفعال التي كان أهل الجاهلية يقومون بها.
في الجاهلية كان هناك أناس كرام، وأشخاص أوفياء، وأشخاص ابتعدوا عن الفواحش والمكروهات، وأشخاص اتسموا بالعفة، لكن النبي عليه الصلاة والسلام جمع كل هذه الصفات بشخص واحد، فكان صادق الإيمان، عقيدته خاليه من الشوائب، فلم يسجد لصنم قط.
نزهه الله عز وجل عن أمور الجاهلية، فلم يشرب الخمر أو يعاشر النساء، ولا كان يلعب الميسر (أي القمار) كما كان معظم أهل الجاهلية يلعبون، ولا كان يجري وراء البنات النساء في سن البلوغ كما جرت عادت أهل الجاهلية، وبالإضافة إلى امتناعه عن الانغماس في الشهوات، فقد عرف بالأمانه، وكان الجميع يأتمنه على أسراره وعلى ودائعه.
وكان النبي عليه الصلاة والسلام يعطف على الفقراء ويكرم الضيوف ويصل الرحم، ويعين الضعفاء من الناس، ويكرم البائسين، ويخفف من هم المكروبين، فلما نزلت عليه النبوة، واسته السيدة خديجة رضي الله عنها، وقالت له القول الشهير: «ما كان الله ليخزيك أبدا؛ إنك لتصل الرحم، وتقري الضيف، وتحمل الكلّ، وتكسب المعدوم، وتعين على نوائب الحق»
المهن التي مارسها الرسول قبل البعثة
حياة النبي عليه الصلاة قبل البعثة كانت أمثل حياة للأنبياء، وكانت مليئة بالشرف والكرامة وعزة النفس، وكان النبي قبل البعثة الشريفة يعمل في مهنة الأنبياء جميعهم، وهي مهنة راعي الغنم، عن أبي هريرة أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: ( ما بعث الله نبيا إلا ورعى الغنم )، لأن هذه المهنة تصقل الأنبياء وتعلمهم الصبر والتحمل، والتواضع والرحمة، فيكونوا أقدر على التعامل مع الناس والصبر عليهم، ودعوتهم إلى الحق.
عندما بلغ النبي عليه الصلاة والسلام سن الشباب، بدأ يخرج مع عمه أبي طالب في التجارة، فأتقن التجارة، وعرف بالصادق الأمين، وكان الناس يأمنونه على ودائعهم، وأموالهم، وعمل مع خديجة رضي الله عنها فترة طويلة حيث أمنته على أموالها، ثم تزوجا قبل البعثة.
كانت قريش تتعاقد مع النبي عليه الصلاة والسلام في التجارة، لأنه بفترة قصيرة عرف مداخل التجارة وأتقنها، وكان يشارك في الندوات والاجتماعات للقضايا المهمة، وشارك في بناء الكعبة ووضع الحجر الأسود، عندما كان بسن الخامسة والثلاثين. [3] [2] [1]
حياة النبي عند البعثة
أنزل الله الوحي على سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام وهو في غار حراء، وبعثه الله كي يدعو إلى عبادة الله الواحد والإخلاص في العبادة وبقي في مكة ثلاث عشرة سنة يدعو إلى عبادة الله قبل الهجرة إلى المدينة المنورة، لكن أجابه قلة من الناس، وأنكر دعوته الكثير من الناس، قال تعالى {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} [النجم:1-2] {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم:3-4]، وكل ما أمرنا به النبي عليه الصلاة والسلام هو وحي من الله.
هاجر النبي عليه الصلاة والسلام إلى المدينة بعد ثلاثة عشر عامًا من الدعوة في مكة بعدما اشتد أذى المشركين له، وبقي في المدينة المنورة عشر سنين يدعو إلى عبادة الله الواحد الأحد، وقد أرسله الله عز وجل لهداية جميع من في الأرض لعبادة الله الواحد الأحد وعدم الإشراك به، قال تعالى: تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا [الفرقان:1].