هل صلاة الجمعة واجبة
نعم صلاة الجمعة واجبة على كل مسلم توافرت فيه الشروط .
انعقد إجماع العلماء على وجوب صلاة الجمعة، فهي فرض عين على كل مسلم تحققت فيه شروط وجوب صلاة الجمعة، قال ابن عبد البر في الاستذكار : (وَأَجْمَعَ عُلَمَاءُ الْأُمَّةِ أَنَّ الْجُمُعَةَ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ حُرٍّ بَالِغٍ ذَكَرٍ يُدْرِكُهُ زَوَالُ الشَّمْسِ فِي مِصْرٍ مِنَ الْأَمْصَارِ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْمِصْرِ غَيْرِ مُسَافِرٍ)، وقال ابن المنذر في (الإجماع) : (وأجمعوا على أن الجمعة واجبة على الأحرار البالغين المقيمين الذين لا عذر لهم) وقال ابن قدامة في (المغني) : (الْأَصْلُ فِي فَرْضِ الْجُمُعَةِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاع، وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى وُجُوبِ الْجُمُعَةِ).
قال الخطابي أن صلاة الجمعة فرض كفاية (أي أنها صلاة إذا أداها البعض سقطت عن الباقين)، ولكن الأئمة الأربعة أجمعوا على أنها فرض عين على كل من توافرت في شروط الوجوب، قال الشوكاني في نيل الأوطار نقلا عن الحافظ العراقي : (وَأَمَّا مَا ادَّعَاهُ الْخَطَّابِيِّ مِنْ أَنَّ أَكْثَر الْفُقَهَاءِ قَالُوا : إنَّ الْجُمُعَة فَرْض عَلَى الْكِفَايَة فَفِيهِ نَظَر، فَإِنَّ مَذَاهِبَ الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة مُتَّفِقَة عَلَى أَنَّهَا فَرْض عَيْن، لَكِنْ بِشُرُوطٍ يَشْتَرِطهَا أَهْل كُلّ مَذْهَبٍ)، وإجماع الأئمة ينهي الاختلاف في حكم صلاة الجمعة.[1]
على من تجب صلاة الجمعة
تجب صلاة الجمعة على الذكر الحر المقيم البالغ العاقل صحيح البدن .
اشترط العلماء بعض الشروط لصلاة الجمعة، وتنقسم شروط صلاة الجمعة لثلاثة أقسام :
- شروط الوجوب.
- شروط الصحة.
- شروط الوجوب والصحة.
وإليك شروط وجوب صلاة الجمعة :
- الذكورة، صلاة الجمعة غير واجبة على النساء.
- الإقامة، صلاة الجمعة واجبة على المقيم في مكان إقامة صلاة الجمعة سواءًا كانت إقامة دائمة، أو مؤقتة، قال رسول الله صلَّ الله عليه وسلم : (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فعليه الجمعة إلا مريضاً أو مسافراً أو امرأة أو صبياً أو مملوكاً).
- الحرية، فصلاة الجمعة غير واجبة على العبد لانشغاله بخدمة سيده، ولأنه غير مالكًا لأمره ووقته.
- سلامة البدن من العلل، فصلاة الجمعة غير مفروضة على المريض، أو المتألم ألمًا شديدًا، قال رسول الله صلَّ الله عليه وسلم : (الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة إلا أربعة عبد مملوك، أو امرأة، أو صبي، أو مريض).
- السلامة من العاهات المقيِّدة مثل الشيخوخة المتقدمة، والعمى، وغيرها من العاهات، وأجمع الجمهور على وجوب صلاة الجمعة على الأعمى الذي لديه قائدًا متبرعًا، أو بأجرٍ معتدل لإيصاله للصلاة.
- العقل، فلا تجب صلاة الجمعة على المجنون.
- البلوغ، صلاة الجمعة غير واجبة على الصبي حتى يحتلم.
- الإسلام، لا تجب صلاة الجمعة مثل باقي العبادات على الكافر.
تجب صلاة الجمعة على من توفرت فيه شروط وجوبها، ولا تسقط باعتقاده أنها فرض كفاية، أو سنة، قال النووي في المجموع : (فَالْجُمُعَةُ فَرْضُ عَيْنٍ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ غَيْر أَصْحَابِ الْأَعْذَارِ وَالنَّقْصِ الْمَذْكُورِينَ، هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ لِلشَّافِعِيِّ فِي كُتُبِهِ، وَقَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ فِي جَمِيعِ الطُّرُقِ، إلَّا مَا حَكَاهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي تَعْلِيقِهِ وَصَاحِبُ الشَّامِلِ وَغَيْرُهُمَا عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ غَلِطَ فَقَالَ هِيَ فَرْضُ كِفَايَةٍ، قَالُوا : وَسَبَبُ غَلَطِهِ أَنَّ الشَّافِعِيَّ قَالَ : مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ وَجَبَتْ عَلَيْهِ صَلَاةُ الْعِيدَيْنِ، قَالُوا : وَغَلِطَ مَنْ فَهِمَهُ، لِأَنَّ مُرَادَ الشَّافِعِيِّ مَنْ خُوطِبَ بِالْجُمُعَةِ وُجُوبًا خُوطِبَ بِالْعِيدَيْنِ مُتَأَكَّدًا، وَاتَّفَقَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَسَائِرُ مَنْ حَكَى هَذَا الْوَجْهَ على غلط قائله، قال القاضي أبو اسحق الْمَرْوَزِيُّ : لَا يَحِلُّ أَنْ يُحْكَى هَذَا عَنْ الشَّافِعِيِّ، وَلَا يُخْتَلَفُ أَنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْجُمُعَةَ فَرْضُ عَيْنٍ، وَنَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِي كِتَابَيْهِ كِتَابِ الْإِجْمَاعِ والْإِشْرَافِ إجْمَاعَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى وُجُوبِ الْجُمُعَةِ)، فمن ترك صلاة الجمعة لاعتقاده بعدم وجوبها هو جاهل عاصٍ.[1][2]
حكم صلاة الجمعة
حكم صلاة الجمعة : فرض عين .
قيل أن صلاة الجمعة فرض كفاية، وهو قول مردود، وقيل أيضًا أنها سنة كما نُقل عن مالك، قال الشوكاني في نيل الأوطار : (قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ : وَحَكَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ شُهُودهَا سُنَّة، ثُمَّ قَالَ : قُلْنَا : لَهُ تَأْوِيلَانِ : أَحَدهمَا : أَنَّ مَالِكًا يُطْلِق السُّنَّة عَلَى الْفَرْض، والثَّانِي : أَنَّهُ أَرَادَ سُنَّة عَلَى صِفَتهَا لَا يُشَارِكهَا فِيهِ سَائِر الصَّلَوَات حَسَب مَا شَرَعَهُ رَسُول اللَّه صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفَعَلَهُ الْمُسْلِمُونَ، وَقَدْ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ: عَزِيمَة الْجُمُعَةُ عَلَى كُلِّ مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ).
قال ابن عبد البر في الاستذكار عن تفسيره القول بسنية حكم صلاة الجمعة : (فَإِنْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْجَهْلِ إنه روى ابن وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ شُهُودَهَا سُنَّةٌ، فَالْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ أَنَّ شُهُودَهَا سُنَّةٌ عَلَى أَهْلِ الْقُرَى الَّذِينَ اخْتَلَفَ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ فِي إِيجَابِ الْجُمُعَةِ عَلَيْهِمْ، وَأَمَّا أَهْلُ الْأَمْصَارِ فَلا، عَلَى أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ مَالِكٍ سُنَّةٌ أَيْ طَرِيقَةُ الشَّرِيعَةِ الَّتِي سَلَكَهَا الْمُسْلِمُونَ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِيهَا، هَذَا لَوْ أَرَادَ الْجُمُعَةَ بِالْأَمْصَارِ، وَقَالَ مَكْحُولٌ: السُّنَّةُ سُنَّتَانِ : سُنَّةُ فَرِيضَةٍ، وَسُنَّةٌ غَيْرُ فَرِيضَةٍ، فَالسُّنَّةُ الْفَرِيضَةُ الْأَخْذُ بِهَا فَرِيضَةٌ وَتَرْكُهَا كَفْرٌ، وَالسُّنَّةُ غَيْرُ الْفَرِيضَةِ الْأَخْذُ بِهَا فَضِيلَةٌ وَتَرْكُهَا إلى غير حرج، وقد روى ابن وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ قَالَ : سَمِعْتُ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ : كَانَ النَّاسُ فِي زَمَنِ رَسُولِ الله يَنْزِلُونَ مِنَ الْعَوَالِي يَشْهَدُونَ الْجُمُعَةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ : وَالْعَوَالِي مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، قَالَ : وَلَمْ يَبْلُغْنِي أَنَّ شُهُودَهَا يَجِبُ عَلَى أَحَدٍ أَبْعَدَ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ أَبُو عُمَرَ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَى هَؤُلَاءِ عِنْدَهُ وَعَلَى مَنْ هُوَ أَقْرَبُ إِلَى الْمِصْرِ مِنْهُمْ، وَأَمَّا الْمِصْرُ فِيهِ عِنْدَهُ وَاجِبَةٌ عَلَى أَهْلِهِ وَعَلَى كُلِّ مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ، أَوْ كَانَ بِمَكَانٍ يَسْمَعُ مِنْهُ).[1]
صلاة الجمعة في البيت
صلاة الجمعة في البيت لا تصح عند جمهور الفقهاء .
يشترط الأئمة لصلاة الجمعة شروط صحة، حيث يشترط الحنفية إذن الإمام لإقامة الصلاة، ويشترط المالكية أن تُقام صلاة الجمعة في المسجد، ويشترط الشافعية والحنابلة العدد فلا يصح عندهم صلاة الجمعة بأقل من أربعين فردًا ممكن تتحقق فيهم شروط الوجوب، والواجب عند تعثُّر الخروج لصلاة الجمعة لمانع مثل غلق المساجد من أجل الحد من إنتشار الأوبئة هو أداء صلاة الظهر في وقتها، أما أداء صلاة الجمعة في البيت فهو مخالف لشروط صحة صلاة الجمعة، وإليك شروط صحة الجمعة:
- أن تتقدم الخطبة الصلاة، وتشتمل الخطبة على حمد وذكر وتذكير.
- الجماعة، اتفق الفقهاء على اشتراط الجماعة لصلاة الجمعة، واختلفوا على العدد الذي تتحقق به الجماعة، فقال الشافعية والحنابلة : أربعين رجلًا ممن تحققت فيهم شروط وجوب صلاة الجمعة، والقول الثاني للمالكية : لا يقل عدد الجماعة لأداء صلاة الجمعة عند المالكية عن اثنى عشرة رجلًا تحققت فيهم شروط الوجوب، وعند الحنفية : تنعقد الجماعة بثلاثة من المصلين ويتقدمهم الإمام، وهناك آراء أخرى في العدد، وقد ذكر الحافظ ابن حجر خمسة عشر قولًا منها، والثابت هو اجتماع العدد الذي يطلق عليه في العرف أنه مجموع.
- شُرِّعت الجمعة لاجتماع الناس عليها، لذلك اشترط الجمهور لصحتها أن لا تتعدد الجمعة في مكان واحد لغير ضرورة، فلو صلت كل جماعة في مسجد مع إمكان اجتماعهم في مسجد واحد لم يحصل المقصود والمراد من صلاة الجمعة.
- اشترط الحنفية في مكان الصلاة أن يكون مفتوحًا للعامة، ومأذونًا للجميع بدخوله.[2][3]