اول ما يجب ان يبدا به من يريد الدعوه الى الاسلام

اول ما يجب ان يبدا به من يريد الدعوه الى الاسلام

الدعوة إلى توحيد الله سبحانه وتعالى .

بدأ منهج الرسول صلوات الله عليهم وسلامه جميعًا في الدعوة إلى الإسلام بالدعوة إلى عبادة الله وحده قال تعالى : (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللَّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ‏)، وقال تعالى : (‏وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَاْ فَاعْبُدُونِ)، فإن لُب القضية الدعوية هي عبادة الله وحده لا إله إلا هو واجتناب الطاغوت (كل معبود من دون الله تعالى)، فلا شئ يجب أن يسبق إصلاح العقيدة، كيف تأمر قوم بالصلاة والزكاة والأخلاق الإسلامية الحنيفة دون أن تصحح لهم معتقدهم الأساسي فالدعوة إلى المنهج الإسلامي القويم دون أن يكون فكر القوم مستقيم وعقيدتهم صحيحة هي دعوة فاشلة، روي في صحيح البخاري عن النبي صلَّ الله عليه وسلم أنه قال لمعاذ عندما بعثه إلى اليمن : (‏إنك تقدم على قوم أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه عبادة الله، فإذا عرفوا الله فأخبرهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم‏).

كان منهج رسول الله صلَّ الله عليه وسلم في الدعوة إلى الإسلام أن يبدأ بالدعوة إلى عبادة الله الواحد وإخلاص العبادة له وحده سبحانه وتعالى دون من سواه، فقد ورد في سيرته صلَّ الله عليه وسلم أنه مكث في مكة بعد البعثة 13 سنة يدعو الناس إلى التوحيد، فمن يخالف منهج النبي ويدعو إلى محاسن وفضائل الإسلام دون أن يهتم أولًا بإصلاح الخلل العقائدي لدى الناي فلن يصل للمراد من الدعوة أبدًا، فعليك البدأ بتعريفهم بالله سبحانه وتعالى وتقريبهم له وبث تعظيمه ومحبته في نفوسهم وقلوبهم، وتشرحح لهم أسماءه وصفاته، ثم تعرفهم برسوله الكريم وصفاته ومحاسن أخلاقه، ولا تتطرق إلى الموضوعات الشائكة حتى لا تشككهم في عقيدتهم التي لا تزال غضة وغير مكتملة.[1][2]

حكم الدعوة الى التوحيد

واجبة، (فرض كفاية).

يجب أن يكون هناك دعاة في كل قطر من الأقطار، فإن كان هناك دعاة كُثُر في نفس القطر فالدعوة في هذه الحالة فرض كفاية إن أداها بعضهم سقط عن الباقي الواجب وثبت في حقهم السنة المؤكدة فالدعوة تظل عملًا جليلًا شريفًا، والهوة هي اتباع منهج النبي صلَّ الله عليه وسلم والسير على مناهجه، يقول تعالى في كتابه العزيز : (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا)، فإذا لم يقوم أحد أهل الإقليم أو القطر بالدعوة إلى الله تعالى أصبح الإثم على الجميع لأنه لم يؤدِ أحدهم الواجب المفروض، وفي العموم يجب أن يكون هناك طائفة تدعو إلى التوحيد في عموم البلاد كما كان رسول الله صلَّ الله عليه وسلم يبلغ الدعوة إلى جميع الناس بجميع الطرق الممكنة ، فقد كان يقوم بإرسال الرسل والرسائل إلى الناس والملوك والرؤساء.

يقول سبحانه وتعالى في الآية رقم (104) من سورة آل عمران : (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)، ويقول في الآية (125) من سورة النحل : (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)، وفي الآية (87) من سورة القصص : (وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)، وفي الآية (108) من سورة يوسف : (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي)، وتمثل هذه الآيات القرآنية الكريمة الدليل على وجوب وفرضية الدعوة إلى توحيد الله تعالى، والمنهج في الدعوة.[3]

قواعد الدعوة

قواعد يجب مراعاتها مع الدعو.

قواعد يجب توافرها في الداعية.

قواعد يجب مراعاتها في الوسيلة.

يجب مراعاة بعض القواعد في الدعوة حتى تصل لهدفك السامي وهو تقريب وتحبيب الناس في الله سبحانه وتعالى وحده، وإليك القواعد التي قد تنير بصيرتك وطريقك نحو الدعوة إلى الله، وفي البداية قواعيد يجب مراعاتها مع المدعو :

مراعاة المرحلة العمرية للمدعو : يجب على الداعية مراعاة عمر المدعو، فالطريقة تختلف من شخص لشخصٍ بناءًا على عدوة عوامل من أهمها عمر المدعو، وخاصةً إذا كنت تتعامل مع مراهق وهي مرحلة مرهقة لصاحبها ولكل من حوله تتميز بعدم الثبات والتقلب الشديد في الشخصية والمزاج ولذا عليك أن تكون شديد الحرص ودقيقًا قدر الإمكان عند التعامل مع هذه الفئة السنية حتى لا يتحول مجهودك من الدعوة إلى إصلاح ما أفسدته بدعوتك، عليك أن تتركه يعبر عن ذاته بحرية وأن تستمع إليه بإنصات وإياك والاستخفاف بآراءه، فإنك إن فعلت فقدته، روى مسلم وأبو داود والترمذي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : (كان رسول الله صلَّ الله عليه وسلم أحسن الناس خلقا وكان لي أخ يقال له أبو عمير قال أحسبه قال كان فطيما قال فكان إذا جاء رسول الله صلَّ الله عليه وسلم فرآه قال : أبا عمير ما فعل النغير؟ قال فكان يلعب به)، أبو عمير هو شاب يافع، والنغير تصغير النغر وهو طائر، فقد كان رسول الله صلَّ الله عليه وسلم يتودد لهذا الشاب ويهتم لاهتماماته وذلك هو المفتاح لقلوب الناس وليس المراهقين فقط، اجعل رسول الله قدوتك في منهج الدعوة.

مراعاة المستوى التعليمي والثقافي للمدعو : عليك أن تدرس المدعو جيدًا لتعلم ما يحتاج لمعرفته وسماعه أولًا؟ ما الذي سوف يجذبه في الإسلام؟ هل هو فقيرًا مسكينً مريضًا يريد أن يسمع عن رفق الإسلام بالفقراء والضعفاء والمرضى، أم هو قويًا رأسمليًا تاجرًا يريد أن يسمع عن قوة النبي وشدته ونجاحه ودبلوماستيه، أم هو شابًا مثل أبي عمير وكيف كان رسول الله صلَّ الله عليه وسلم يهتم لما يهتم به ليتقرب إليه، ولم يحدثه قواعد الدين ومقاصد الشريعة فلن يجذبه ذلك في البداية.

البحث عن مشكلات المدعوين وحالهم : يجب أن يكون الداعية على علم بحاول المدعو ومشكلاته ويسعى لحلها إن أمكن، وإن كان لا يمكنه ذلك فعليه تقدير حالته في طريقة دعوته، يأتي ثاني قسم من القواعد التي يجب مراعاتها، إليك القواعد التي يجب توافرها في الداعية:

على الداعية أن يبدأ بنفسه أولًا.
أن يكون الداعية قدوة لغيره.
تكوين علاقات شخصية حقيقية.
التجديد.
استخدام لغة القلوب.
استخدام اللطف واللين.
مخاطبة الناس فيما يريدون سماعه.
مراعاة الأولويات.

على الداعية أن يبدأ بنفسه أولًا : يقول الشيخ عبد القادر الكيلاني رحمه الله : (إذا صلح قلب العبد للحق عز وجل وتمكن من قربه، أُعْطِي المملكة والسلطنة في أقطار الأرض، وسُلِّم إليه نشر الدعوة في الخلق، والصبر على أذاهم، يسلَّم إليه تغيير الباطل وإظهار الحق)، فيجب أن تكون مقتنعًا بما تقوله و تطبقه على نفسك أولًا حتى يصل حديثك من قلبك إلى قلوب المدعوين، يقول الأستاذ مصطفى صادق الرافعي رحمه الله تعالى : (إن الموعظة إن لم تتأد في أسلوبها الحي كانت بالباطل أشبه، وإنه لا يغير النفس إلا النفس التي فيها قوة التحويل والتغيير، كنفوس الأنبياء ومن كان في طريقة روحهم، وإن هذه الصناعة إنما هي وضع البصيرة في الكلام، لا وضع القياس والحجة)، فلن يتغير شخصًا للأفضل على يدك إن كنت لم تتحول حقًا من داخلك إلى الحق، أحسن صلتك بربك حتى تستطيع جرهم معك إلى الطريق المستقيم، يقول التابعي شهر بن حوشب : (إذا حدَّث الرجلُ القومَ، فإن حديثه يقع من قلوبهم موقعه من قلبه).

أن يكون الداعية قدوة لغيره : قال الإمام الشافعي رحمه الله : (من وعظ أخاه بفعله كان هاديا)، فأول خطواتك للدعوة أن يكون عملك وفعلك هو دعوتك إلى الناس، أن تكون منهجًا يمشي على الأرض، وكان عبد الواحد بن زياد يقول : (ما بلغ الحسن البصري إلى ما بلغ إلا لكونه إذا أمر الناس بشيء يكون أسبقهم إليه، وإذا نهاهم عن شيء يكون أبعدهم منه)، فكونك داعية يجعلك محط نظر الجميع، وخطأ محسوب بعشرة أخطاء في عيون العامة، فعليك أن تحذر، لأنهم يفعلون ما تفعل لا ما تقول.

تكوين علاقات شخصية حقيقية : لا يجب أن تنتهي علاقتك بالمدعو لكونه أصبح على الدرب فربما يذل مع الوقت، اتخذ منهم أصدقاءًا وأهلًا وجيرانًا وإخوانًا، فالعلاقات الشخصية الإنسانية تدعم دعوتك، وتدعم المدعو نفسيًا وتقربه دائمًا من الخيارات الصحيحة، ويشعر دائمًا أن له صحبة صالحة يمكن أن ترده إلى الحق إذا حاد عنه في أي وقت.

التجديد : تخيل أنك تشاهد في التلفاز كل يوم نفس البرنامج ونفس المذيع ليخبرك بنفس الأخبار وبنفس الطريقة، لا تجعل الناس تشعر بالملل في حضرتك جدد من خطابك ومن الموضوعات التي تقوم بطرحها، وراقب أحوال الناس واستمد منها أفكارًا وموضوعات تهمهم وابدأ في الحديث عنها للفت انتباههم والاهتمام بهمومهم.

كما تكلمنا عن قواعد يجب مراعاتها في المدعو والداعية، فإليك القسم الثالث من القواعد وهو قواعد يجب مراعاتها في الوسيلة :

استخدام لغة القلوب : تغلب لغة القلوب لغة العقول في الكثير من الأحيان خاصةً إذا كان الكلام يخرج من قلبك المؤمن، يقول الشيخ الكيلاني واصفاً الدعاة : (هم قيام في مقام الدعوة، يدعون الخلق إلى معرفة الحق عز وجل، لا يزالون يدعون القلوب).

استخدام اللطف واللين : لا تُشعر المدعو أنه عبء عليه ولا تتدخل في حياته إن لم يستشيرك بها، وكان لطيفًا رقيقًا يقول تعالى : (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ)، وانظر لحديث الأعرابي الذي بال في المسجد، فقال النبي صلَّ الله عليه وسلم : (لا تزرموه ثم دعا بدلو من ماء فصب عليه)، كم كان رفيقًا صلَّ الله عليه وسلم.

مخاطبة الناس فيما يريدون سماعه : حتى تجذب الناس إليك يجب أن تختار الموضوعات التي يريدون الحديث عنها ومعرفتها، عليك أن ترغبهم وتقرب قلوبهم أولًا قبل أن تبدأ في إدخالهم إلى تفاصيل الشريعة والعقيدة، كن لبيبًا حصيفًا.

مراعاة الأولويات : يجي مراعاة الأولويات في الدعوة والتدرج من التوحيد إلى غيره من أمور الشريعة التي تتأتى إلا بالتوحيد، ولا يجب إلزام الإنسان بالنوافل إذا لم يكن قد التزم بالفرائض.[4]