الدعاء من أنفع العلاج ومما يدل على ذلك
أحاديث رسولنا الكريم –صلى الله عليه وسلم- الواردة في العلاج من الأمراض.
الدعاء هو عبادة مشروعة، وعلى كل مسلم وموحد بالله أن يدعو الله –سبحانه وتعالى- بما شاء من أمور الدنيا والآخرة؛ لقول الله تَعَالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة: 186]، وقول الله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: 60].
ووردت الأحاديث العديدة أن الدعاء هو شفاء لكل مرض وداء بإذن الله؛ حيث قال -عليه الصلاة والسلام-: (لا يَرُدُّ القَضَاءَ إِلا الدُّعَاءُ، وَلا يَزِيدُ فِي العُمْرِ إِلا البِرُّ)، وقد روى أصحاب السنن الأربعة من حديث أسامة بن شريك -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “تَدَاوَوْا -عِبَادَ اللَّهِ-، فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَضَعْ دَاءً، إِلَّا وَضَعَ مَعَهُ شِفَاءً، إِلَّا الْهَرَم”.
وقد ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- طلب الشفاء من المرض بالدعاء في أحاديث كثيرة، وقد ذكر حديث سعد -رضي الله عنه- وأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال له: “اللهم اشف سعدًا”. في البخاري، وفي الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “سلوا اللَّه العافية في الدنيا والآخرة”. رواه الترمذي، لذلك فإن طلب الشفاء بالدعاء إلى الله تعتبر من أنفع طرق العلاج، وليعلم المسلم أن الله لم ينزل داء إلا أنزل له دواء.[1]
أفضل دعاء للمريض عن الرسول
- قراءة المعوذتين والفاتحة على المريض، حيث أن القرآن كله شفاء؛ كما قال الله -عز وجل-: “وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ” [الإسراء:82].
- كان -صلى الله عليه وسلم- يقول في الدعاء للعلاج: “أذهب البأس رب الناس، واشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك شفاءً لا يغادر سقماً”. رواه البخاري ومسلم.
- وقوله -صلى الله عليه وسلم- لعثمان بن أبي العاص لما اشتكى إليه من ألمًا في جسده فقال له -صلى الله عليه وسلم-: “ضع يدك على الذي تألم من جسدك وقل: بسم الله ثلاثاً … وقل سبع مرات: أعوذ بالله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر”.
- عن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: “من اشتكى منكم شيئاً أو اشتكاه أخ له فليقل: ربنا الله الذي في السماء تقدس اسمك، أمرك في السماء والأرض كما رحمتك في السماء، اجعل رحمتك في الأرض، اغفر لنا حوبنا وخطايانا أنت رب الطيبين أنزل رحمة من رحمتك وشفاء من شفائك على هذا الوجع فيبرأ”.
- كان النبيُّ يُعَوِّذ الحسنَ والحسينَ -عليه الصلاة والسلام-، فيقول: “أُعيذكما بكلمات الله التَّامة”، أو: “شفاك الله وعافاك”، أو: “نسأل الله أن يشفيك ويُعافيك”، أو: “نسأل الله لك الشِّفاء والعافية”، كل هذه من الدَّعوات الطيبة بالشفاء.
- كان –صلى الله عليه وسلم- يرقي أصحابَه، ومن ذلك أنه في بعض الأحيان يضع إصبعه في الأرض ويقول: “بسم الله، تربة أرضنا، بريقة بعضنا، يُشفى به سقيمُنا، بإذن ربنا”.
وفي بعض صيغ الأدعية الأخرى بالشفاء العاجل التالي:
- إلهي أذهب البأس ربّ النّاس، اشف وأنت الشّافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاءً لا يغادر سقماً، أذهب البأس ربّ النّاس، بيدك الشّفاء، لا كاشف له إلّا أنت يارب العالمين، اللهم إنّي أسألك من عظيم لطفك وكرمك وسترك الجميل، أن تشفيه وتمدّه بالصحّة والعافية، لا ملجأ ولا منجا منك إلّا إليك، إنّك على كلّ شيءٍ قدير.
- اللهم نسألك بصفاتك العليا التي لا يقدر أحد على وصفها، وبأسمائك الحسنى التي لا يقدر أحد أن يحصيها، وأسألك بذاتك الجليلة ووجهك الكريم أن تشفي كل مريض، وتعافيه بحولك وقوتك.
- اللهمّ اشفه شفاءً ليس بعده سقماً أبداً، اللهمّ خذ بيده، اللهمّ احرسه بعينيك التّي لا تنام، واكفه بركنك الّذي لا يرام، واحفظه بعزّك الّذي لا يُضام، واكلأه في الّليل وفي النّهار، وارحمه بقدرتك عليه، أنت ثقته ورجاؤه، يا كاشف الهم، يا مُفرج الكرب، يا مُجيب دعوة المُضطرين.
- اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى وبصفاتك العلا وبرحمتك التي وسعت كلّ شيء، أن تمنّ علينا بالشفاء العاجل، وألّا تدع فينا جرحاً إلّا داويته، ولا ألماً إلا سكنته، ولا مرضاً إلا شفيته، وألبسنا ثوب الصحة والعافية عاجلاً غير آجل، وشافِنا وعافِنا واعف عنا، واشملنا بعطفك ومغفرتك، وتولّنا برحمتك يا أرحم الراحمين.[2]
فضل الدعاء للعلاج
يجب على المسلم أن يؤمن بأن الشافي هو الله؛ لقوله -سبحانه وتعالى- على لسان نبيّنا إبراهيم -عليه الصّلاة والسلام-: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} [الشعراء: 80]، ومن صفات الله تعالى أنه الشافي، وقد حرص رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على غرس معنى هذه الصفة العظيمة في نفوس المؤمنين؛ فكان من سنته –صلى الله عليه وسلم- أن يدعو الله تعالى بأدعية متنوعة في حالة المرض سائلاً بها الله الشفاء من كل داء ومرض بجانب الدواء، وكانت نيته –صلى الله عليه وسلم- تصحيح عقيدة المسلم؛ لأن الدواء لا يشفي إلا بإذن من الله -عز وجل-، وقد وردت الاحاديث التي تؤكد هذه السنة العظيمة، ولعل أبرزها:
- عن عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ الثَّقَفِيِّ -رضي الله عنه- أَنَّهُ شَكَا إِلَى رَسُولِ اللهِ -صلّى الله عليه وسلّم- وَجَعًا يَجِدُهُ فِي جَسَدِهِ مُنْذُ أَسْلَمَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ -صلّى الله عليه وسلّم-: “ضَعْ يَدَكَ عَلَى الَّذِي تَأَلَّمَ مِنْ جَسَدِكَ وَقُلْ: بِاسْمِ اللهِ، ثَلاَثًا، وَقُلْ سَبْعَ مَرَّات: أَعُوذُ بِاللهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ” (رواه مسلم).
- وعن عائشة -رضي الله عنها-: أن النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- كان إذا اشتكى الإنسان الشّيء منه، أو كانت به قرحة، أو جرح، قال النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- بأصبعه هكذا، -ووضع سفيان بن عيينة راوي الحديث سبّابته بالأرض ثم رفعها-، وقال: “باسم الله، تربة أرضنا، بريقة بعضنا، يُشفى سقيمنا، بإذن ربنا” متفق عليه.
- عن أمّ المؤمنين عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قالت: كَانَ رَسُولُ اللهِ -صلّى الله عليه وسلّم- إِذَا اشْتَكَى مِنَّا إِنْسَانٌ مَسَحَهُ بِيَمِينِهِ، ثُمَّ قَالَ: “أَذْهِبِ الْبَاسَ رَبَّ النَّاسِ، وَاشْفِ أَنْتَ الشَّافِي، لاَ شِفَاءَ إِلاَّ شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقَمًا” (رواه مسلم).
هذه الأحاديث الشريفة يغفل عنها كثير من الناس في طلب الشفاء من الله –سبحانه وتعالى-، وخاصة الأطباء والعاملين في علاج الناس، لأن المريض قد يعاني لفترة طويلة، ويجرب جميع أنواع الأدوية وطرق العلاج، ثم لا يخرج بفائدة كبيرة، أما هذه المعالجة النبوية بالدعاء فهي مضمونة النتيجة لأن الشافي هو الله تعالى، فلنحرص على الدعاء بهذه الأدعية والتداوي بها وحث الناس عليها، حتى ننال منها الشفاء والعافية وأجر إحياء سنّة من سنن المصطفى –صلى الله عليه وسلم-.[3]