مما يعين على معرفة الله التفكر في المخلوقات
من أسباب زيادة الإيمان بالله عز وجل التفكير في المخلوقات التي خلقها الله عز وجل .
،قال عز وجل: {وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ * وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ} [الذاريات:20 – 21] وليس هذا معناه التفكير في الله عز وجل، لأن عقل الإنسان البسيط لا يستطيع مهما كان ذكيًا أن يحيط علمًا بالله عز وجل، لأن الله لا تدركه الأبصار، أما المخلوقات فهي تعتبر أداة لإظهار عظمة الله، وكل شيء من حولنا ينطق بأن له خالق، فلو تفكر الإنسان لعلم أنه لا بد لكل شيء من خالق.
هل رأيت يومًا سفينة وجدت من العدم بدون نجار صنعها ، أو منزل صنع وحده، أو طيارة، أو أي شيء آخر، كل شيء حولنا له صانع، فكيف يتخيل الإنسان أن الأشياء العظيمة مثل البحار والأنهار والجبال والسماء والأرض خلقت وحدها دون صانع، بل هو الله الواحد الأحد القادر على كل شيء، وقد أمرنا الله أن نتفكر في مخلوقاته، قال تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آل عمران:190 – 191]
أمرنا الله أن نفكر في مخلوقاته، كي نستطيع من خلالها التوصل إلى الخالق عز وجل، وإذا فكر الإنسان بالمخلوقات التي خلقها الله يعلم تمام العلم بأنه لا يوجد أي مجال للشك بوجود الله عز وجل، ويعلم أن الله يستحق العبادة، وهو الوحيد القادر على تحقيق ما نراه مستحيلًا بعقلنا المحدود، فالشخص الذي خلق الإنسان للوهله الأولى، هل يصعب عليه إحياء الموتى وهي رميم، وبعد التفكير بعظمة قدرة الله تعالى ورؤية الكثير من الأدلة عليها من خلق الله، يؤمن الإنسان بوجود الله الواحد الأحد، ويتوجه إلى الله وحده بالعبادة ويتوكل عليه وحده.
التفكر بآيات الله عز وجل ومخلوقاته يعتبر عبادة، والله عز وجل دعانا إلى التأمل والتفكير بمخلوقاته، وهذه الدعوة تعتبر وسيلة كي يعود الشخص الغافل، المعرض عن آيات الله إلى وجود الله، ويعود الإنسان الغافل عن آيات الله إلى الله عز وجل، فيتفكر فيها، ويستيقظ لمعانيها، وهذا السبب كان السبب الأساسي للدعوة إلى العلم الذي يقود إلى محبة الله وخشيته، قال تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر:٢٨]، أي أن العلم بمخلوقات الله، وعظمته يؤدي إلى عبادة الله الواحد الأحد في خضوع ومحبة.
تساعد المخلوقات في معرفة الله
إذا أراد الإنسان معرفة الله عز وجل، يمكنه أن يقوم بذلك من خلال الكثير من الطرق منها:
- الإكثار من قراءة القرآن
- التفكر في مخلوقات الله
الاكثار من قراءة القرآن: من الأمور التي تساعد الإنسان على معرفة الله هي الإكثار من قراءة القرآن الكريم بتدبر، ويعتبر القرآن منهج للمسلمين في جميع أمور حياتهم، ويعتبر المنهج الأول الذي يجب أن يتبعه المسلمين في حياتهم، وبعد القرآن الكريم تأتي السنة النبوية الشريفة التي نتعلم منها الكثير من التفاصيل حول أمور ديننا الإسلامي
التدبر والنظر في مخلوقات الله: يدعونا الله عز وجل إلى التأمل فيما خلق من إبداعات جميعها ينطق بعظمة الخالق ووحدانيته في الربوبية، وألوهيته، وأسماء الله عز وجل وصفاته.
أمرنا الله عز وجل بالتفكر في الكون، لأن الكون يعتبر بمثابة كتاب مفتوح يقرأه الإنسان، وكل شخص يمكنه أن يتعلم الكثير عن الحقائق الكونية إذا فتح ذهنه للأمور المحيطة به، فكيف يتخيل الإنسان انهمار المطر بدون وجود خالق، وكيف يتخيل الإنسان وجود الكواكب والنجوم بدون خالق لهذا الكون وكيف يتخيل إتمام البدر إلى القمر، ورفع الجبال، وتفجير المياه من الصخور، وورعاية الجنين في رحم أمه بدون وجود خالق، لذلك التأمل في مخلوقات الله يساعدنا على معرفة عظمة الله، والاطلاع على أسرار الخلق والتكوين، قال تعالى: {أَإِلَهٌ مَّعَ اللهِ تَعَالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [النمل:٦٣]
كل شيء من حولنا يذكرنا بوجود الله، فلنتفكر من الذي رفع السماء بلا عمد، وزين الكواكب، وسطح الأرض كي نمشي عليها، ومن الذي علم الحيوانات أن تطعم صغارها، أو علم العنكبوت أن يبني بيته، وكل هذه الأشياء التي تشير لوجود خالق، يعرض عنها الإنسان لو لم يفتح قلبه للإيمان، أما إذا فتح قلبه لرؤية هذه الأشياء المحيطة، فإن فطرته السليمة سوف تقوده إلى الإيمان بالله عز وجل، لأن الحق في خلق الكون هو حق دامغ، والحق لا يعرض عنه إلى من طبع الله على قلوبهم فلا يفقهون. [1] [2]
التفكر في المخلوقات سبب لمعرفة الله
فكر بالأشياء المحيطة بك لتعرف عظمة الله، قال تعالى: {هَذَا خَلْقُ اللهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ} [لقمان:١١] فالكون كتاب ينطق بتسبيح الله عز وجل، فإذا فكر الإنسان بالذي خلقه، وصوره بأحسن صورة، ورزقه وأطعمه، وآواه ونصره، وينظر في رفعة السماء، ونصب الجبال، وتسطيح الأرض، وخلق البحار والأنهار، فإذا فكر الإنسان بهذه الأشياء سوف يعرف أن لهذا الكون خالقًا وحدًا وأن الإنسان هو عبدًا مخلوقًا يجب عليه أن يطيع الله عز وجل ويؤمن به وحده دون سواه.
يمكن أن يفكر المسلم في الكثير من الآيات من حوله التي تدله على وجود الله، وهي آيات يقشعر لها الأبدان وتستجيب لها الفطرة السليمة مثل:
- شفاء المرضى من علل أجمع الأطباء على أنها مستحيلة الشفاء
- تغذية الجنين في رحم أمه
- إجهاش الوليد بالبكاء عندما يولد ويخرج لأول مرة من رحم أمه
- خروج السم من فم الثعبان، فهل تساءل الإنسان من الذي أودع السم في فمه، وهل تساءل أيضًا كيف لا يميت سم الثعبان الثعبان نفسه الذي يحوي سمومًا تقتل أقوى الرجال
- خروج العسل من بطون النحل
- الهواء الذي نستنشقه بدون أن نراه
- النبات الذي يقوم بعملية التركيب الضوئي التي لا يوجد حياة بدونها
- نمو النباتات في الصحراء بظروف شديدة القساوة
- رؤية البدر وهو ينشر نوره في الكون
- جريان مياه النهر العذبة، فمن الذي خلق هذه المياه العذبة التي نرتوي بشربها
- تعاقب الليل والنهار ليكون النهار عملًا والليل سكنًا لنستريح فيه، فهل كان هذا الشيء عبثًا!!
- امتلاء بالبحر بالملح وعذوبة مياه الأنهار
- جريان المياه من شقوق الصخور، فمن الذي أخرج المياه من هذه الصخور
- استنشاق عبير الأزهار العطرة
جميع ما في الكون يعتبر دليل على وجود الخالق عز وجل، فإذا تأمل الإنسان في الكون، أدرك وجود الخالق الواحد، وابتعد عن الغرور ولجأ إلى الله وحده وأدرك عبوديته التامة لله عز وجل، وأخلص له حق الإخلاص، وبئس العبد الذي يطغى وينسى الجبار الأعلى في السماء. [2]