يعد ابو هريره اكثر الصحابه روايه للحديث
نعم، يُعَدْ أبو هُرَيْرة أكثر الصحابة رواية للحديث عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم . وقيل أن الصحابة الذين قاموا برواية أكبر قدر من الأحاديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم عددهم 6، وجاء أبو هريرة في مُقدّمة الترتيب، ثم عبد الله بن عمر، أنس بن مالك، عائشة أم المؤمنين، عبد الله بن عباس، وجابر بن عبد الله جاء في الخاتمة. [1]
عبد شمس كان اسم الصحابي أبو هُريرة رضي الله عنه قبل دخوله الإسلام، وبعدما أنعم الله عليه بنعمة الدخول في الدين الإسلامي في عام 7 هجريًا أطلق عليه سيدنا النبي اسم (عبد الرحمن)، ليُصبِح اسمه بالكامل عبد الرحمن ابن صخر الدوسي، وكان من نًسَبْ قبيلة دوس، وأراد أن يتعلَّم على يد رسولنا الكريم فعاش معه على مدار أربع سنوات حتى يحصل منه على المزيد من العلم والمعرفة الدينية. [2]
كان أبو هُريرة يمتلك هِرَّة ويُمازحها ويُداعبها بِلُطف حينما كان يخرج ليرعى الغنم مع أفراد أسرته، وعندما سُئِل عن سبب تسميته بأبي هُريرة قال: (كُنِّيتُ أَبَا هُرَيْرَةَ لأَنِّي وَجَدْتُ هِرَّةً فَحَمَلْتُهَا فِي كُمِّي، فَقِيلَ لِي: أَبُو هُرَيْرَة)، وكان يقول أيضًا: (لاَ تُكَنُّونِي أَبَا هُرَيْرَةَ، فَإِنَّ النَبِيَّ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – كَنَّانِي أَبَا هِرٍّ، وَالذَكَرُ خَيْرٌ مِنَ الأُنْثَى)، أما عن شكله الخارجي، فَقيل أنه كان عريض المنكبين، ويمتلك ضفيرتين، وكانت لحيته حمراء، وبشرته بيضاء، ولكنه وُصِفَ بأنه آدم أي ذو بشرة سمراء، وهذا يُشير إلى أن بشرته في الأساس بيضاء، ولكن لونها تحوَّل للأسمر بسبب الأجواء الحارة في الصحراء وقوة الشمس بها. [3]
حَرَصَ أبو هُريرة على الصلاة والصيام، والتزم بصوم الاثنين والخميس، وكان يُداوم على صلاة قيام الليل بالتناوب مع زوجته وخادِمه، حيث قال أبو عثمان الهندي: (تَضَيَّفْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ سَبْعًا فَكَانَ هُوَ وَامْرَأَتُهُ وَخَادِمُهُ يَعْتَقِبُونَ اللَّيْلَ أَثْلَاثًا يُصَلِّي هَذَا ثُمَّ يُوقِظُ هَذَا)، وعن ابن جريج قال: قال أبو هريرة (إني أجزئ الليل ثلاثة أجزاء، فجزء لقراءة القرآن، وجزء أنام فيه، وجزء أتذكر فيه حديث رسول الله)، وكان أبو هُريرة يُحِب أمه ويُريدها أن تدخل الإسلام، فكان يُريدها أن تكون مؤمنة بالله ورسوله، وكانت هي مُشِركة وترفض أن تكون من المؤمنات، وذات يوم ذَهَبَ أبو هريرة إلى سيدنا النبي وهو يبكي وطلب منه أن يدعو الله كي يهدي أمه لطريق الإسلام والتوحيد، فاستجاب أشرف الخلق وقال: (اللَّهُمَّ اهْدِ أُمَّ أَبِى هُرَيْرَةَ)، وهذه الدعوة العظيمة جعلت السعادة تسكن قلب أبو هريرة، وحينما عاد إلى أمه مرة أخرى قالت له :(يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ)، فعاد أبو هُريرة إلى سيدنا المصطفى مرة أخرى والسعادة تغمره لأن الله استجاب لدعوة النبي الكريم. [4]
كان أبو هُريرة أكثر الصحابة رواية للحديث، لأنه كان مُلازِمًا وصاحِبًا لسيدنا النبي، وكان يذهب معه في أي مكان يذهب إليه، وحضَّر مجالس عديدة لرسولنا الكريم، كما أنه حَرَصَ على خدمة آل البيت مَحبَّة وتقديرًا لهم، وكان أبو هُريرة يذكر الله كثيًرا ويخشاه ويخاف منه، حيث قال عِكرمة: (كان أبو هريرة يسبح كل يوم اثني عشر ألف تسبيحة). [5]
وإذا تحدَّثنا عن شِدة تعلُّق أبو هُريرة بالنبي، فإن دليلنا سيكون أنه أَحَبَ رؤية النبي دومًا، ولم يشعر بالسَكينة والهدوء إلا بعدما ينظر لوجه رسول الله، حيث قال أبو هُريرة لسيدنا النبي: (إني إذا رأيتُك، طَابَت نفسي، وقرَّت عيني، فأَنبِئني عن كلِّ شيءٍ)، فقال (كل شيءٍ خَلَق الله – عز وجل – من الماءِ)، قال: أَنبِئني بأمرٍ إذا أخذتُ به دخَلتُ الجنة، قال: (أَفشِ السلام، وأَطعِم الطعام، وصِل الأرحام، وصَلِّ والناس نِيام، ثم ادخُل الجنة بسلام)، وكان أبو هُريرة عندما يتحدَّث عن سيدنا مُحمَّد يستخدم لفظ (خليلي) والخليل هو الصديق، وهذا يدل على شِدة مَحِبَّته للنبي وتعلُّقه به. [6]
بلغ عدد الأحاديث التي رواها أبو هريرة
خمسة آلاف وثلثمائة وأربعة وسبعون ( 5374 ) حديث هذا هو عدد الأحاديث التي رواها أبو هُريرة عن الرسول الكريم. [7]
لذلك كان أبو هُريرة من أقوى رموز العُلم والفتوى الإسلامية، وقيل أنه حَفَظَ عددًا من أحاديث النبي ورواها عنه بشكل مباشر، وجزء آخر من الأحاديث رواها عن النبي، ولكن بواسطة عدد من أكبر الصحابة مثل أبي بكر الصديق وأبيّ بن كعب، وبسبب حِرصه الدائم على التواجُد مع الرسول واستقبال العِلم منه، أثنى عليه أشرف الخلق في حديث شريف رواه البخاري وهو: (عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قلت: يا رسول الله من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ فقال: لقد ظننت يا أبا هريرة أن لا يسألني عن هذا الحديث أحدٌ أولَ منك؛ لما رأيتُ من حرصك على الحديث، أسعدُ الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال: لا إله إلا الله خالصًا من قِبل نفسه)، وقال الشافعي عن أبو هُريرة: (أبو هريرة أحفظ من روى الحديث في دهره).
والسر وراء حِفظ أبو هُريرة لأحاديث الرسول وعدم نسيانها هو أنه نال بركة ورضا سيدنا المُصطفى صلى الله عليه وسلَّم، وهذا ما تمَّ إثباته في صحيح البخاري: (عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قلت: يا رسول الله إني أسمع منك حديثًا كثيرًا أنساه؟ قال: (أبسط رداءك)، فبسطته، قال: فغرف بيديه ثم قال: (ضُمَه)، فضممتُه فما نسيت شيئًا بعده)، علمًا بأن أبا هُريرة لم يحصل على العلم فقط وإنما كان حريصًا على نقل هذا العلم للعديد من الناس، ولم يُفارق الحياة إلا بعدما نقل كل العلم الذي حصل عليه للآخرين. [8]
كثرة رواية أبو هريرة للحديث عن الرسول
هناك أسباب جعلت أبو هُريرة يُلازم الرسول حتى يروي عنه أكبر قدر من الأحاديث، وهي كالآتي:
- كان يحفظ أحاديث الرسول قاصِدًا ذلك حتى يستطيع أن يُفيد الناس فيما بعد.
- أبو هُريرة كان يسأل الرسول عن أشياء كثيرة في ظل أن عددًا كثيرًا من الصحابة لم يمتلكون الجراءة حتى يسألونه إلا في الضرورة القصوى.
- كان أبو هُريرة لم يترك الرسول، فَقَد كان متواجِدًا معه حتى وهو يزور نسائه وأصحابه، وكان يسير معه في الطريق أيضًا، في ظل أن الصحابة كانوا يَرَون النبي أثناء الاجتماع به أو في مواقيت الصلاة فقط.
- كان يتَّصف بقوة الذاكرة والقدرة على الحِفظ، علمًا بأن هذه الصفة اتَّسم بها عددُ كثيرُ من الأشخاص البدو في الزمن القديم.
- كان النبي يستدعي أبو هُريرة كي يحضر معه مجالسه، وهذا الأمر كان سببًا في كثرة رواية أبو هُريرة للحديث. [9]
وفاة الصحابي أبو هريرة
كان يقول أبو هُريرة رضي الله عنه: (مَا مِنْ مَرَضٍ يُصِيبُنِي أَحَبَّ إِلَيَّ مِنَ الْحُمَّى، لأَنَّهَا تَدْخُلُ فِي كُلِّ عُضْوٍ مِنِّي، وَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُعْطِي كُلَّ عُضْوٍ قِسْطَهُ مِنَ الأَجْرِ)، وهناك أقوال كثيرة قيلت عن وفاة ذلك الصحابي الشريف، حيث قال هشام بن عروة أنه توفَّى عام 57 هجريًا، أما أبو معشر كان له رأيًا آخر وقال أن أبو هُريرة توفَّاه الله عام 58 هجريًا، ولذلك فإنه لا يوجد تاريخ صريح لوفاته. [10]