المهمة التي بعث بها الله تعالى المرسلين
هي الدعوة إلى توحيد الله تعالى وعبادته لا شريك له .
بعث الله تعالى جميع المرسلين بعيدة التوحيد، فجميعهم بُعثوا لدعوة الناس إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وتختلف الشرائع في الأوامر والنواهي، قد تُحل شريعة ما حرمت الأخرى، ولكن في النهاية العقيدة واحدة وهي التوحيد، قال تعالى في كتابه العزيز : (وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ)، فيقول تعالى أنه لم يرسل رسولًا يدعو لعبادة آلهة غيره، أي أن جميع الرسل دعوا قومهم لعبادة الله وحده، وقال تعالى : (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ)، فكل رسول أرسله الله إلى قومه يدعوهم أن يشهدوا أن لا إله إلا الله أي أنه لا معبود بحق إلا الله، وقال تعالى : (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ)، ومعنى الطاغوت هو ما يحتكم إليه القوم أو يعبدونه من دون الله.
اتفق جميع الرسل على عقيدة التوحيد، وتفرقوا على مناهج وشرائع مختلفة، قال تعالى : (لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا)، وَعنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللهِ صلَّ الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ : (الْأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ لِعَلَّاتٍ، أُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ)، أي أن جميعهم يتبعون أصل واحد وهو التوحيد، ويختلفون في الشرائع، قال قتادة : الخطاب للأمم الثلاث : أمة موسى، وأمة عيسى، وأمة محمد صلَّ الله عليه وسلم وعليهم أجمعين، فالتوراة شريعة، والإنجيل شريعة، والقرآن شريعة، والدين واحد، وهو التوحيد).[1][2]
المهمات التي بعث بها الله تعالى المرسلين
- التبليغ.
- إقامة الحجة.
- التبشير والإنذار.
- تصحيح العقائد وتزكية نفوس العباد.
- رعاية مصالح الأمة.
أرسل الله تعالى رسله بعدة مهام من أجل نجاة العباد، والرسل هم الوسيط بين الله تعالى وخلقه على الأرض، وإليك مهام سفراء الله في الأرض :
التبليغ : التبليغ هي المهمة الأساسية التي أرسل من أجلها المرسلون، فعلى الرسول أن يُبلغ رسالات ربه كاملةً ولا يكتم منها شيئًا، يقول تعالى مخاطبًا خاتم الأنبياء والمرسلين صلَّ الله عليه وسلم : (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ)، وبعث الله الكثير من الرسل الذين قاموا بدورهم بإبلاغ رسالة الله تعالى لعباده على الأرض ولقوا في المقابل الإيذاء، والتكذيب والتعذيب، فقد بعضهم ماله والبعض أهله، والبعض فقد حياته وهو مازال ثابتًا يؤدي رسالته فعلًا وقولًا.
إقامة الحجة : وإقامة الحجة نتيجةً لا مفر منها لعملية التبليغ، حيث أن ليس للمتعللين والمتشككين حجةً ولا مبررات، فإن الله تعالى بإرساله للرسل قد قطع عليهم الطريق لتبرير كفرهم وعصيانهم، يقول تعالى في كتابه العزيز : (رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ)، فلا يمكن أن يُثاب قومًا أو يُعاقبوا دون أن يصلهم البلاغ يقول تعالى : (وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى).
التبشير والإنذار : يكون التبشير للمؤمنين الطائعين وهو ما يسعد قلوبهم ويجعلهم متلهفين إلى رؤية الجنة ونعيمها، والإنذار للعصاة والمكذبين يرهبهم من مصيرهم في الآخرة، يقول تعالى في كتابه العزيز : (وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ)، ويقول رسول الله صلَّ الله عليه وسلم عن التبشير والإنذار : (إن مثلي ومثل ما بعثني الله به، كمثل رجل أتى قومه فقال : يا قوم إني رأيي الجيش بعيني، وإني أنا النذير العريان، فالنجاء، فأطاعه طائفة من قومه فأدلجوا، فانطلقوا على مهلتهم فنجوا، وكذبت طائفة منهم، فأصبحوا مكانهم، فصبحهم الجيش، فأهلكهم واجتاحهم، فذلك مثل من أطاعني واتبع ما جئت به، ومثل من عصاني وكذب بما جئت به من الحق).
تصحيح العقائد وتزكية نفوس العباد : يتأثر سلوك الإنسان بمعتقداته بشكلٍ مباشر، فكان لزامًا على المرسلين أن يقوموا بتصحيح العقائد، فالعقيدة هي منبع كل الخير وفسادها منبع لكل الشرور، يقول تعالى : (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ)، فالعقيدة الفاسدة ضلال وظلام، وقد أرسل الله تعالى إلى كل أمةٍ من يخرجهم من ظلام الجهل إلى نور الإيمان، يقول تعالى : (اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ).
رعاية مصالح الأمة : أمر الله تعالى في جميع الشرائع السماوية رسله وأنبياءه أن يقوموا برعاية مصالح أقوامهم وإذا حكموا بينهم أن يحكموا بالعدل، والشرائع تعمل عمل القانون، حيث أنها توفر الأحكام العادلة المناسبة لكل مناسبة، فتحقق المصلة، وتدفع الضرر، يقول تعالى مخاطبًا رسوله الكريم صلَّ الله عليه وسلم : (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ)، فإن أهواء النفس تقود الإنسان إلى ما يُعاب، شريعة الله تعالى هي ما تضمن حقوق الناس، وفي ذلك مشقة على المرسلين، لأن تطبيق الشريعة ليس بالأمر الهيِّن.[3]
التوحيد هو المهمة الأساسية التى بعث بها الله تعالى المرسلين
التوحيد هو إفراد الله تعالى بالعبادة، واطلاق أسمائه وصفاته عليه وحده، وقد أرسل جميع الرسل بعقيدة التوحيد، ولا يصح الإيمان دون توحيد، فهو الأصل لكل عبادة ولكل معتقد، يقول تعالى في كتابه العزيز : ( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)، فلن يشفع لأحد إيمانه وصلاته وقيامه إذا كان يشرك في عبادة الله، ورد في صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : (لَمَّا بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ إِلَى نَحْوِ أَهْلِ الْيَمَنِ قَالَ لَهُ : إِنَّكَ تَقْدَمُ عَلَى قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَى أَنْ يُوَحِّدُوا اللَّهَ تَعَالَى فَإِذَا عَرَفُوا ذَلِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي يَوْمِهِمْ وَلَيْلَتِهِمْ فَإِذَا صَلَّوْا فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ زَكَاةً فِي أَمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِنْ غَنِيِّهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فَقِيرِهِمْ فَإِذَا أَقَرُّوا بِذَلِكَ فَخُذْ مِنْهُمْ وَتَوَقَّ كَرَائِمَ أَمْوَالِ النَّاسِ) وهذا دليل على أن التوحيد هو أصل كل شئ.
أقر الكفار الأوائل بوجود إله واحد إجمالًا لكن تفصيلًا لم يكونوا موحدين، والمغذى أن التوحيد نتيجةً طبيعية يصل إليها الفرد إذا أمعن التفكير بصورة سليمة، يقول تعالى في كتابه العزيز : ( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ) فليس لعاقل يُعمل عقله ويتفكَّر في خلف الله أن يُنكر وجوده سبحانه وتعالى، وكيف لعاقل أن يعلم أن اللته تعالى هو الخالق، وهو الرازق، وهو المدبِّر للأمر ويشرك مع الله إلهًا آخر لا يضر ولا ينفع.[4]