بسم الله الرحمن الرحيم
أسعد الله يومكم بكل خير وعافيه
هذه مشاركتنا بمسابقة القصص أنا وصديقتي الرائعة
أرجو أن تنال مشاركتنا أعجاب الجميع
التصنيف : واقعي - خيال - حزن - دراما
عالم مظلم ذاك الذي أعيش به ....خسرتُ والداي اللذان كانا مصدر قوتي ورغبتي بالعيش ... كرهتُ هذا العالم الذي سلبهما مني ولم يكتفِ بهذا بل حرمني من السعادة ...تم أرسالِ لجدتي والدة والدي لأنها الشخص الوحيد المتبقي لي من العائلة ...جدتي كانت قاسيةٍ علي على الرغم من صغري وكوني لا أفهم شيء .....
كل ذلك لأن والدي تزوج أمي من غير رضاها فهي لم تكنْ ترغب بأن يتزوج والدي من أمي .
العطف ؟! على الرغم من أنهُ قد قيل أن كبار السن يعطفون دائماً على الأطفال الصغار , ولكن أنا لم أشاهد ذلك ....فجدتي قستْ ورمتْ كل حقدها وكرهها لوالدتي علي , لم تعطف علي كوني أصبحت يتيمه , لم تحاولْ أن تضمني إلى صدرها لأشعر بالحنان ...لقد كنتْ أعاني الأمرين معها ....لم أستطع الهروب منها لأنني لا أملك قريب أخر يحنو أو يعطف علي , والداي أطلقا علي أسم يوكي والذي يعني اللطافة والطيبة والحنان , ولكن لا أفهم أي جزء مني كان يشبهُ أسمي ..لأكون صادقةٍ معكم ومع نفسي فأنا لم أكنْ أحب أسمي فهو لا يشبهني على الاطلاق ولكنني تحملتهُ فقط لأن والداي هما من أطلقاهُ علي , فهي الهديه الوحيدة المتبقية لي منهما .
أصبحتُ في السادسة عشر من عمري , وهذه المرة الأولى التي أكون فيها سعيدةٍ منذ وفاة والداي ....تتسألون لماذا ؟ ببساطة لأن جدتي مريضة جداً وستموت قريباً ...يفترض أن يحدث العكس ..فبموتها يعني أنني سأبقى وحيدةٍ ولنْ يكون هنالك من يرعاني ...ولكنْ من يهتم..سعادتي لا توصف مع أنني أفضل أن أسميها شعوراً بالإنتصار ..أو لحظةٍ تمنيت حدوثها مُنذ زمن طويل...رغبتُ حقاً بقولها أنني كرهتك جدتي ..كرهتك من أعماق قلبي الحزين....كنتُ أتمنى موتك دائماً لأرتاح من ظلمك لي , ولكن يبدو أنني لا أزال امتلك بعض الطبية فلم أتمكن من قول أي من تلك العبارات لها ! .
أخيراً ماتت جدتي بعد صراع مع المرض سنة كامله ....أهل القريه كانوا يبكون بحرقةٍ عليها , لكنني لم أذرف ولا دمعة واحدةٍ ...لم تكنْ تستحق أن أبكي عليها ..كانتْ أمراءةٍ قاسيةٍ في حقي , لم ترحمني أبداً , لم أشعر ولو للحظةٍ واحدةٍ بالأمان معها , نظر أهل القريه بحقد وإستغراب نحوي لأنني لم أبكي .....تظاهرتُ أنني لم أشاهدهم وهم يرمقوني بنظرات إستحقار قاسية كانت تخلو من أي رحمة أو عطف .
بعد مراسم دفن جدتي بقيت وحيدةٍ في المنزل , لم أكنْ متضايقةٍ من ذلك , فأنا أعتدتْ البقاء وحيدةٍ حتى مع وجود جدتي معي في السابق , شعرتُ بالجوع فقررت إن أتناول شي لأسكت بهِ هذا الجوع ..... بحثتُ كثيراً في المنزل ولكنْ لم أجد أي طعام , أستمريت بالبحث لعلي أجد ولو كسرة خبز تسكتُ جوعي هذا , وبينما أنا أبحث وجدتُ بعض القطع النقديه كانت جدتي تخبئها .
الجو كان بارداً فنحن على عتبات فصل الشتاء القاسي ببردهِ الذي لا يعرفُ الرحمة , كانت ليلةٍ مظلمةٍ يزينها القمر بضوءهِ الخافت جداً حملتُ وشاحي الاسود الذي يذكرني بلون الحقد ووضعتهُ على عنقي لمحاولة الشعور ببعض الدفء وخرجت لاشتري بعض الطعام .
رغم برودة الطقس والذي يفترض إن الناس في بيوتهم بسبهِ ولكن كان الغالبيه في الخارج , كانت نظرات الجميع ترمقني كما هي العادة بحقد وكراهيه لا أعرف سبب هذا الكره ؟!! ...هل السبب لأن جدتي توفيت وأنا لا أشعر بالحزن فظن الجميع أنني وحش بلا مشاعر أنسانية وقد أشكل خطراً على حياتهم وعلى أطفالهم , أم لأنني لم أهتم أو أظهر مشاعر الأسى والضعف أو طلب المساعدة منهم ...ما هذه العقول ضئيلة التفكير ! ..لو كانوا يدركون ماذا كنتْ تفعل جدتي معي لما رمقوني بتلك النظرات المثيرة للشفقةِ حقاً ..
ولكنْ هذا لا يهمني , فأنا لستُ أهتم لحثالة مثلهم غايتهم فقط أذيتي والدوس على مشاعري ..لأنهم حكموا علي من تصرفي ولم يحاولوا فهمي أبداً , لذا فأنا سأبقى في الطريق التي أخترتها حتى لو كنت الشخص الوحيد الذي يسير في تلك الطريق , فهذا أفضل من التملق لإشخاص غايتهم فقط أذيتي ...
سرت في الطريق الواسعه التي تزينها تلك اليرعات المضيئة بضوئها الجميل لترسم لوحة فنية جميلةٍ ,
حاولت أن أشعر بالسعادة ولو قليلاً , ولكن يبدو أنها لم تكتبْ لي , فبينما أنا أسير أتجه رجلاً يركض مسرعاً نحوي فقام بدفعي على الإرض فسقطتُ متألمةٍ من شدة الضربه التي تلقيتها منهُ .....صرخ الرجل (( هل أنتِ عمياء ؟ انظري جيداً وانتِ تسيرين في الطريق )) نظرت إليه في ذهول ولا أعرف ماذا يفترض أن أرد على رجل مثلهِ , ولكنْ تحولت نظراتي بشكل لا أرادي إلى حقد وكره , شعر الرجل بالخوف مني لذا هرب مسرعاً , كان يتبعهُ شخص يبدو أنهُ من رجال الأمن , وقتها تأكدتُ أنه من صدم بي لم يكنْ سوى لص ! , رفعتُ رأسي من على الارض وأنا أنظر نحوهم بعينين حاقدتين , فالشرطي هو الأخر لم يهتم لي ومضى في طريقهِ .
قلبي شعرتْ بهِ وكأنهُ يقول بعض الكلمات مخاطباً ذلك الشرطي الذي مضى في طريقه ولم يهتمْ لأمري ((عامل الناس بما ترى منهم وليس بما سمعت عنهم فأنتَ لا تعلمْ خائنة الأعين وما تخفيهِ الصدور )) ولكنْ يا قلبي الحزين هيهات إن يقتنع البشر بكلماتك فهم يميلون إلى سماع رأي الناس قبل رأيهم بك , لم يحاولوا أن يعرفوك ولكنْ حكموا عليك من كلام الأخرين بحقك , نهضتُ من على الأرض بألم وأنتبهتُ فجأةٍ إلى أنني أضعتُ نقودي ما هذا الحظ العاثر ؟! , حتى الحظ لا يريد أن يكون إلى جانبي ...يا الهي لما يحدث كل هذا معي ؟! ماذا فعلت لكي أستحق كل هذه المصائب ؟ , فكأن الأقدار رمتني في قوس محنةٍ لا يمكنني العيش فيها ولا الموتُ , أشبهُ ذلك الطائر الذي يقاسي الموت في يد طفل صغير...فلا الطفل يرقْ لحالهِ ولا الطائر مطلق الجناح لكي يهرب .
عدتُ أدراجي نحو المنزل فتحتُ باب المنزل ودخلت , جلستُ على الكرسي الخشبي وأمامي منضدةٍ خشبيةٍ مربعة الشكل أسندتُ رأسي إليها بحزن وأنا أفكر لما يحصل لي كل هذا ؟!! ....لما أنا فقط من عليها أن تعاني !! , لما لا ترتسمُ الحياة لي ولو قليلاً ! هل السبب أنني شخص ضعيف ؟! أو أنني شخص لا يحب أن يظهر ضعفهُ أمام الأخرين ؟! .
أكرهُ لحظات الضعف التي أشعر بها وتجعلني أستسلمْ لها بسهوله ! , أيهُا القدر المكتوب رفقاً بقلبِ المُتعب الذي أنهكهُ التمنِيّ ، وأتعبهُ الإنتظار...بينما أنا غارقةٍ بالتفكير السلبي سمعتُ أصوات ضجيج قادم من الخارج تقدمتُ بخوف نحو الباب لألقي نظرةٍ لمعرفة سبب تلك الضجة , فسمعتُ أصوات أهل القريه تطالبني بالخروج من المنزل ,
إنتابني الخوف الشديد , ما الذي يريدهُ مني هؤلاء ؟! إلا يكفيني ما يحصل لي من مضايقات ومعاناة بسببهم , نظرتُ من خلال ثقباً موجود في الباب لأراهم يحملون الأسلحه المختلفة من سكاكين ومناجل حراثة الإرض وبعض العصى والحجارة , أدركتُ وقتها أنها ستكون نهايتي إن اقتحموا منزلي , لا أملك القوة لمقاتلتهم جميعاً , سوف أقتل حتماً ..الخوف سيطر علي ولكنني تداركتُ نفسي وسيطرت عليها , توجهتُ إلى أسفل القبو الموجود بمنزلي محاولةٍ الفرار بروحي من بطش تلك الوحوش التي لنْ تعرف الرحمة معي , الخوف تملكني والقلق سيطر علي , ماذا يجب ان أفعل ؟ وأي قرار علي أتخاذهُ ؟ , نظرتُ إلى القبو لأجد فتحةٍ صغيرةٍ ...كانت صغيرةٍ نعم ! ولكنني تمكنتُ من الهروب من خلالها ، لا تستغربوا من هذا فرغم أنني في السادسة عشر إلا أن جسدي كان صغير الحجم ..... وأنا أحاول أن أهرب من خلال تلك الفتحة سمعتُ أصوات أقدامهم داخل منزلي !! ,
أجل لقد حطموا الباب واقتحموا منزلي عنوةٍ , أسرعتُ بإقصى ما تستطيع قدماي نحو الغابه هرباً من بطشهم بي لو أمسكوني مؤكد سوف يقتلوني , (( أين هي ؟ إلى أين ذهبت تلك الفتاة ؟ )) (( أنني أراها هناك أنظروا ! هيا لنلحق بها جميعاً ))
كنتُ اركض وأركض وسط هذا الظلام لا أرى سوى مشاعل النار التي كانوا يحملونها معهم وهم يطاردوني كذئب مفترس جائع وجد فريستهُ بعد بحث طويل , أستطيع أن ألمح تلك المجارف الشوكيه التي تلمع بالقرب من ألسنة تلك المشاعل , يا الهي ساعدني ...ماهو ذنبي حتى أعاني من كل هذا ؟ .
أستمريت بالركض أسرع وأسرع محاولةٍ الهرب منهم ولكن حقاً الحظ يكرهني بالفعل لقد وصلتُ الى نهاية الطريق ! ..... جرف كبير يفصلني عن الجانب الاخر , النهر مدهُ عالي لا يمكنني أن أسبح فيه سوف يجرفني التيار , إنتابني خوف كبير , نظرتُ للخلف لأجد أن الجميع حاصرني لا يوجد مهرب لي الآن ...هذه النهاية ! ...لقد أنتهى كل شيء ...أمي , أبي يبدو أنني سألحق بكما قريباً ...دموعي لم تنزل رغم ذلك الخوف الذي شعرتُ به .....مازال جسدي خائف ويرتجف ...عيون تلك الوحوش تحدق بي ..وتنظر لي نظرات جائع ومتعطش للدماء (( لقد انتهيتِ سوف نتخلص من شرك الآن وإلى الأبد )) بقيتُ صامتةٍ وأنا أرمقهم بنظراتي الحاقده مع مزيج من الخوف ,
فمتى كنت شخصاً شريراً ؟!! , هل أذيتُ أحدكم ؟....صرختُ بصوتٍ عالي وخائف ...لم أقترب منكم حتى ، لما تعاملونني بتلك الطريقه ؟!! , رفعتُ رأسي للسماء ودعوتُ الله أن يخلصني من شرهم وظلمهم , فهو أرحم بي منهم , هو وحدهُ يدرك أنني لم أقترف أي خطأ في حقهم , أعدتُ النظر اليهم والخوف هدأ الآن , وكأن الله قد ألقى الطمئنانية في قلبي وكأنهُ يقول لي أنني معك ....يا الهي لنْ أخافهم فأنتَ معي .
بقيتُ واقفةٍ في مكاني وأنا أنظرُ إليهم .....بدأ الجميع خائفاً ولم يقترب أحداً مني ...ولكنْ فجأة قال أحدهم (( هيا دعونا نقضي عليها معاً )) ما هذا الذي يقوله ؟!! معاً !......بدأ الجميع يتحرك بخطوات بطيئةٍ نحوي وأنا أتراجع للخلف مع كل خطوة يقومون بها .
ولكن وصلتُ لنهاية الجرف من دون أن أشعر لتنزلق قدمي إلى الأسفل أمسكتُ بالجرف من الأعلى في محاولةٍ يائسةٍ للتشبث بهِ ولو لدقائق معدودة ...ولكنْ تلك الوحوش لن ترحمني ....أفضل الموت بكرامة على أن أكون طعام لهم .....أفلتُ يدي بنفسي ..لم أكنْ خائفةٍ فأنا كنتُ أعرف أن الله معي وحتماً سوف يحميني منهم , سقطتُ من ذلك الجرف ليلتقط النهر جسدي مع تياراتهِ الجارفه , تخيلت والدي وأنا أسقط في ذلك النهر يقول لي (( يوكي كوني قوية دائماً وعيشي حياتك مهما كانت قاسية , أنتِ وحدك من يمكنها تغير حالك فكل شيء يصبح جميلاً عندما نريد أن نراهُ جميلاً , لذا لا تسمحِ لهم بسلبكِ أغلى ما تملكين )) أغلى ما أملك ! , ماذا كان يا أبي ؟ .
التيار كان قوياً لذا كان يجرفني نحو الغرق , رفعت يدي طالبةٍ العون من الله , ولم أشعر إلا وجسدي غاص في أعماق النهر أغمضت عيناي منتظرةٍ لطف ربي بي .
فتحتُ عيني لأجد نفسي في مكان مظلم جداً ..أرضاً ميتة ....لا ماء ولا نبات فيها , السماء سوداء ..أين أنا ؟ وما هذا المكان ؟!! ....نهضتُ وبدأتُ أسير بخطواتٍ متثاقلةٍ جداً وأنا أنظرُ في كل الأتجاهات محاولةٍ العثور ولو على مكان واحد يصلح للجلوس ...أشعرُ بالجوع والعطش , لم أقف لحظةٍ واحدةٍ , ولكنْ يبدو أن جسدي وصل لطاقتهُ القصوى , أشعر بالتعب لم أعد قادرةٍ على مواصلةِ طريقي ,
لمحتُ أحدهم في الطريق ....أسرعت قدماي إليه من دون أن أشعر بذلك ولكنْ الصدمة جعلتني جامدة في مكاني !! , أنتِ ؟ من تكونِ يا هذه ؟!! لما تبدين بهذا الشكل المخيف ! , بل لما تشبهينني !! ....كانت الفتاة نصف جسدها محترق واللحم واضح ...شفتاها متشققةٍ من شدةِ العطش ....نظرتُ إلى قدماها تنزفان حتى بدا كما لو أن الدم صار واقي يحمي قدماها من حر الإرض...الجروح والشقوق في كل مكان من جسدها ....نظرتُ لها نظرة قلق وخوف ...في حين بادلتني بإبتسامةٍ لطيفةٍ اراحتني حقاً ! ,
من إبداعات نجمة سبيس تون
شعرتُ أنني أعرفها !....بدأت تلك الفتاة التي تشبهني تروي قصتها وكيف أنها كانتْ تكرهُ كل شيء ...كانتْ لا تثقْ بأحد , كانتْ دائماً تتعرض للأذية من الأخرين ...ولكن بدلاً من محاولةِ أصلاح سوء التفاهم بينهم كانتْ تنظر للجميع بحقد وكراهيه لتخفي تلك الإبتسامة الجميلة ليعتقد الجميع أنها كما يتخيلوها .....أنا أصغي لكلماتها ولكنْ أشعر أنها تتحدث عني !! , أستمرت تلك الفتاة تتحدث أكثر وأكثر عن حياتها وفي كل مرة أجد أنني أعيش حياتي ولكن بشكل أسرع , وكأن شريط حياتي يعرض أمامي ! ....قالت أنها تعرضت للخيانة من أهل قريتها ولكنْ المخطئ لم يكنْ أهل قريتها فقط ....بل أنا مخطئةٍ أيضاً ! , لم أحاول شرح الأمر لهم , لم أحاول أن أجعلهم يصغون لي ويعرفون بمعاناتي ولما كنتُ أتصرف بتلك الطريقة , لما فضلتُ الحقد والكراهيه , بدأت دموعي تنزل !
...دموعي تنزل ؟!! أجل أنها تنزل بالفعل !! , لما الآن ؟ لما في هذا المكان المخيف وأمام هذه الفتاة التي .... ؟! مهلاً أنتِ من تكونِ ؟َ! ....أجابتني بثلاث كلمات فقط (( أنا هي أنتِ )) جبل أطبق على صدري من هول تلك الكلمات ....(( هذا ما سيحدث لكِ في النهاية أن بقيتِ تتصرفين هكذا ...أتركِ مشاعر الحقد والكراهية ...جدي طريقك للعيش بعيداً عن المشاعر السلبية , لا تدعِ الأخرين يظنون بك السوء , أشرحِ لهم من أنتِ ؟ وما حقيقتكِ ؟ وما عانيتيه ؟ لَا تبْكِي علَى مَا حـدَثْ ....فقـطْ ، أحْـــرِصِ على أنْ لاَ يَحدُثْ مَـَـرَةً أخـرى )) ولكنْ دموعي لا تزال تجري ولم تتوقف وكأنها كانتْ محبوسه وقررت أن تخرج أخيراً بعدما لمحُ شعاع السعادة ظهر ! أشعرُ أن دموعي هي الأخرى كانتْ تصرخ وتقول لي :
(( يكفي هذا الحزن والحقد ...دعِ حياتك ترسمها السعادة ...مهما بدا الحزن مسيطر على حياتك ...أهزميه بإبتسامة جميلة تسقي أزهار حياتك الرائعة .... ﺳﻴﻌﻮﺿﻚ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻦ ﻛﻞِ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺐﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﺣﻤﻠﺘﻪِ ﻭﺣﺪﻙ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ، ﺳﻴﻌﻮﺿﻚ ﻋﻦ ﻛﻞ ﺍﻷﻭﺟﺎﻉ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺎﻭﻣﺘﻬﺎ ، ﺳﻴﻌﻮﺿﻚ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻚ ﻭﻻ ﻳﻌﺮﻓﻪُ ﺃﺣﺪ , لذا لا تدعِ للظلم والحقد مكان في قلبكِ ...كونِ كما أراد والديك أن تكونِ ....كوني يوكي صاحبة الإبتسامة اللطيفة , فتلك الإبتسامة هي أغلى ما تملكين )) ......أجل أغلى ما أملك ! ...نعم هي كذلك , لن أدع أحداً يسلبها مني مجدداً , فالإبتسامة الصادقة والقلب النظيف والتعامل الحسن والنفس المرحة والكلمة الطـيبة نعيش بها جمال الحياة ...نظرتُ إلى تلك الفتاة وجدتها بدأت تتغير وتعود إلى شكلها الحقيقي أي إلى شكلي أنا ؟!! (( أخيراً طهرتِ قلبكِ من الحقد والكراهية , أبتسمِ ! فليس هناك ما تخسرينهُ ، فربكِ موجود ، و رزقكِ مكتوب ، و عمركِ محدود ، كُوني جميلةٍ ، لِكي تري الجمال حولك دائماً , يمكنني الآن أنا أرتاح بسلام , شكراً لك يوكي , أرجوكِ حافظي على إبتسامتكِ الجميلة هذه )) .
بدأت تختفي شيئاً فشيئاً حاولتُ اللحاق بها ولكنْ جسدي منهك من التعب ....طاقتي ما عادت تكفي حتى للوقوف , أنهرتُ على الطريق من دون أن أشعر بذلك وغبتُ عن الوعي .
بهدوء وراحة بال لم أشعر بها من قبل فتحتُ عيناي لأجد نفسي في سرير أبيض مريح وبيت من الخشب , الأثاث فيه كانتْ مدفأة تشتعل فيها النار فتضئ الغرفة وتنشر دفئها فيها , إلى جانبها كرسي أبيض بدا قديماً جداً , نظرتُ لأمعن النظر أكثر ولكي أعرف أين أنا ؟! فأنتبهتُ إلى رجل عجوز كان يقشر بعض التفاح الأحمر , أنتبه ألي وشاهدني مستيقظه فقام بوضع السكين التي يقشر بها التفاح حيث كان جالس وتقدم نحوي ، قال بكلمات كلها عطف وحنان (( هل أنتِ بخير يا أبنتي ))
ما أرق تلك الكلمه وما ألطفها " أبنتي " ! لطالما تمنيتُ أن أنادى بهذه النبره الحنونة , سالتهُ : أين أنا ؟ وما هذا المكان ؟
(( أنتِ في بيتي , أنا لستُ سوى رجل عجوز كنتُ أعيش مع زوجتي اللطيفة , ولكنها توفيت من نصف عام , لم أستطعْ أن أغادر هذا المنزل فهو مكان ذكرياتي معها , لذا بقيت هنا وحيداً بلا مؤنس أو صديق )) نظرتُ لهُ بنظرات عطف وشفقة , فهو يعيش لحالهِ منذ نصف عام ! , ولكنْ لماذا يبدو مختلفاً عني ؟! , رغم أنهُ عاش وحيداً ! , لم أسالهُ هذا السؤال بل أبقيتهُ لنفسي فقط , ولكنني سألتهُ سؤال أخر .....ماذا أفعل في منزلك ؟ بل كيف وصلتُ إلى هنا ؟!
أبتسم لي إبتسامة رقيقة جداً وقال (( الأمر أشبهُ بأن أحدهم قال لي أن أخرج إلى النهر )) علامات التساؤل بدت واضحة على وجهي .....أردتُ أن أسالهُ ولكنهُ أكمل كلامهُ (( في تلك الليلة قبل يومين كنت جالساً أقرأ كتاباً كانتْ زوجتي تحبهُ جداً وبينما أنا مستغرق بالقراءة , شعرتُ كما لو أن أحدهم يناديني ويطلب مني أن أتوجه إلى النهر في الحال ! , أخذتُ مظلتي وأسرعتُ بالفعل إلى النهر لأجدك هناك وقد علق جسدك ببعض أغصان النباتات التي كانت تتدلى إلى النهر , قمتُ بسحبك من هناك وجئتُ بك لمنزلي ))
نظرات الدهشة والصدمة كانت عنوان وجهي ....الهي عطف بي بالفعل !! , ربي لم يتخلى عني , لقد أنقذني , لقد أضاء قلبي , لقد أعطاني الحياة لأبداً من جديد , أذاً ذلك المكان الذي رأيتُ به تلك الفتاة ....ذلك العالم المظلم كان سواد قلبي بالتأكيد ! , وضعتُ يدي على صدري حيثُ قلبي وأبتسمتْ قائلةٍ براحة وأطمئنانية : شكراً لك يا الهي , نظرتُ إلى ذلك الرجل الطيب بتلك الإبتسامة التي أحبها والداي كثيراً وقلت لهُ , أنا أدعى يوكي أيها العم الطيب , لقد طردني أهل قريتي من منزلي , وكانوا سيقتلونني لولا لطف الله بي الذي أنقذني من وحدتي وظلامي وحقدي , نظرتُ إلى العم العجوز وشعرتُ إن السعادة ملئت قلبهُ الطيب ..... يبدو أن الله لم يلطف بحالي فقط , بل لطف بحال هذا العجوز أيضاً , إذاً أرسلني أليه لأعينهُ وأخلصهُ من وحدته ,
أيها العم الطيب ...نظر ألي بعيون ملئُها الأمل ...هل تسمح لي أن أعيش معك هنا ؟...أنا لم يعد لي أحداً في هذه الحياة , سوف أعينك في حياتك وسأكون ممتنة لك أن قبلت طلبي الأناني هذا فأنا .....لم أستطع أن أكمل كلماتي ...فالدموع خانتني وبدأت بالنزول لتمنعني من قول أخر كلامي , ولكنْ يبدو إن سبب تلك الدموع هو يد العم الكبيره التي وضعها على رأسي ليخفف عني ...رفعتُ نظري إلى وجههِ (( كنتْ سأطلب منك أن تبقي معي بما أنك لا تملكين أحداً أخر يملئ عليك حياتك )) آآه ... يا الله ما ألطفك حقاً , ها أنتَ تقدم لي الحياة التي أردتها , السعادة التي تمنيتها , مهما شكرتك يا رب لنْ أوفيك حقك , أعدك أنني سأكون يوكي جديدة ..... يوكي محبة للأخرين , تعطف على المساكين وتساعد الناس , لن أسمح لحقدي مجدداً إن يسلبني أغلى ما أملك ...أن يسلبني أبتسامتي .
الحزن لا يدومْ بل هي أحوال تتبدل وتتغير ..... فإذا ضاق اليوم بك فغداً سيكون أجمل بإذن الله ^.^
النهاية ....