أوراق على أنغام القصائد تتراقص

صلوا على النبي المصطفى

︵⁺⏜︵︵⏜︵ ⑅

 ⃝⧙ .

تتميز الثقافة اليابانية بكونها عتيقة للغاية و غنية تتنوع مظاهرها التي تعكس عادات و تقاليد المجمتع الياباني منذ القدم ، و تنعكس هذه الثقافة على العديد من المجالات المختلفة كالثقافية و الرياضية و الفنية و حتى الألعاب، نعم فالألعاب الشعبية في اليابان تعد من أهم أوجه الثقافة التي تميز اليابان و اليوم سأتحدث عن واحدة من هذه الألعاب و التي تعرف بلعبة الكاروتا.

الكاروتا لعبة أوراق يابانية تعود بداية ظهورها إلى القرن السادس عشر بعد أو وصلت إليهم من خارج بلادهم و تم تغييرها و تطويرها في اليابان لتصبح على ما هي عليه الآن، فقد أصبحت مميزة للغاية و مرتبطة بالشعب الياباني و لغته بشكل وثيق ، فلا يمكن لك أن تلعب الكاروتا إذا لم تكن عارفا باللغة اليابانية و مطلعا على أدبها و حافظا لقصائدها المئة القديمة ، أرأيتم؟ لذلك قلت يجب أن تكون يابانبا مثقفا لأجل أن تكون قادرا على لعب هذه اللعبة الممتعة ، و إذا كنت تريد أن تعرف وجوب فهمك للغة اليابانية و حفظك لقصائدها القديمة حتى تلعبها ، و لمزيد من التفاصيل عنها و عن كيفية لعبها واصل القراءة و ستعرف.

︵⁺⏜︵︵⏜︵ ⑅

بطاقات الكاروتا ليست بطاقات متاحة للجميع كأغلب البطاقات العادية الأخرى ؛ لأنها لا تحتوي على رسومات أو أرقام يمكن لأي أحد فهمها ، بل تحتوي على أجزاء من قصائد يابانية مشهورة جدا و قديمة للغاية مكتوبة باللغة اليابانية و تلعب إما فردية عن طريق تواجه خصمين مع بعضهما أو جماعية عن طريق تواجه فريقين كاملين كل عضو فيه يقابل عضو من الفريق الآخر. أما عن طريقة لعبها فهي كالآتي : يجلس اللاعبين و يتم فرش بطاقات القصائد أمامهما مكشوفة لفترة حتى يتمكنوا من حفظ أماكنها ثم تقلب علي الجهة المرسومة و تخبأ الكتابة، بعدها يبدأ الملقي و هو رجل أو إمرأة يتلو جزء معين من القصيدة و على اللاعبين معرفة البطاقة التي تحمل تكلمة القصيدة و اللاعب الذي يصل إليها يكون الفائز. و من خلال هذا نعرف كم أن اللعبة تتطلب معرفة بالأدب الياباني و حفظا للقصائد المئة ، كما أنها تتطلب مهارات حفظ عالية و مهارات تذكر و مرونة كبيرة و سرعة كافية لخطف البطاقة المطلوبة بسرعة و خفة قبل أن يصل إليها الخصم.

بصراحة اللعبة تبدو ممتعة للغاية و أكثر ما يعجبني فيها الصوت و اللحن الذي تلقى به القصائد أثناء اللعب.

︵⁺⏜︵︵⏜︵ ⑅

شخصيا لم أرى أن لعبة الكاروتا ظهرت بشكل واسع في الإنمي مقارنة ببعض الألعاب و الفنون الأخرى في المجتمع الياباني ، لا أدري ما هو السبب لكنها كانت ناقصة بشكل كبير على الرغم من أنها لعبة مميزة جدا و أرى بأنها تعتبر مثالا حقيقيا للثقافة و العراقة اليابانية التي وجب أن تمنح مساحة أكبر في عالم المانجا و الأنمي لتخليد وجودها و حمايته من الإندثار في ذاكرة اليابانيين و أيضا التعريف به لمختلف البلدان حول العالم.

و الآن سأتحدث عن المثالين اللذين أعرفهما و اللذين يجسدان هذه اللعبة الثقافية في عالم الأنمي.

︵⁺⏜︵︵⏜︵ ⑅

المثال الأول هو المثال الأقوى و الأفضل من حيث تجسيد لعبة الكاروتا و هي المانجا أو الأنمي الذي يحمل إسم "Chihayafuru" ، إنمي ثقافي بإمتياز و كان السبب في نشر لعبة الكاروتا عبر العالم و التعريف بها للناس جميعا حتى يكتشفوا هذا الجزء العتيق و الجميل من الثقافة اليابانية. و تتحدث قصة هذا الإنمي عن الفتاة شيهايا التي تحب لعبة الكاروتا منذ طفولتها بشكل لا يصدق و حلمها الوحيد أن تتوج فيها بوصولها إلى لقب الملكة الذي يريده مئات من المتسابقين غيرها، ما يعني المزيد من العمل و الضغوطات. لقد أحسن مؤلف هذا الإنمي أو المانجا بالأساس في إختيار هذه الأوراق لتكون موضوعا للمانجا و كان واضحا أنه قد تعب عليه حتى يظهره للعالم و يعرفهم عليه من جهة و يحث اليابانيين على تذكر ثقافتهم و التشبت بها من جهة أخرى ، و ذلك عن طريق المباريات الممتعة التي يزخر بها هذا الإنمي و التي قدمت وجها رائعا للكاروتا ، وجها لا يمكن أن ينسى و سيبقى راسخا في الأذهان.

︵⁺⏜︵︵⏜︵ ⑅

أنمي Chihayafuru قدم لعبة الكاروتا بجميع تفاصيلها و المعلومات المتوفرة عنها في قالب ممتع جدا نجح في جذب المتابعين و هذا ما يؤكده النجاح الساحق للمانجا التي تعتبر من بين الأكثر مبيعا و قراءة منذ نزولها ، فالمؤلف لم يقدم فقط قصة جافة عن هذه اللعبة بل جعلها تزهر بسحر أخاذ زين أوراقها و أغاني قصائدها و المعاني التي ترمز إليها مع كيفية لعبها و جميع الحيل الممكنة التي تجلب الفوز. المنافسات في هذا الإنمي كانت رائعة جدا و تحبس الأنفاس من شدة الحماس و الجميل أنها لم تكن مبالغا بها أو فيها قدرات كاذبة أو خيالية بل اعتمد الكاتب على الواقعية في تقديم لعبة الكاروتا و طريقة لعبها مع بعض المبالغة المشروعة أحيانا ، و هكذا يجد المشاهدون أنفسهم يتعرفون على هذه اللعبة بجميع ما يخصها من طريقة لعب و قوانين و أجواء جميلة و كله في قالب ممتع مليء بالمغامرات و القصص الشيقة التي ترتبط بشخصيات القصة ما زادها متعة و جمالا. لقد أحببت الإنمي و أحببت لعبة الكاروتا بسببه لدرجة أنني أرغب في تجريبها.

︵⁺⏜︵︵⏜︵ ⑅

و الآن لننتقل إلى المثال الثاني الذي يجسد ظهور لعبة الكاروتا فيه إنه فيلم المحقق كونان الواحد و العشرون المعروف بإسم 'رسالة الحب القرمزية' و جميع من شاهد هذا الفيلم سيعرف بكل تأكيد أن قصته كانت مبنية على أوراق الكاروتا التي كان لها الأساس في طرح أحداث الفيلم ، و تدور قصته حول جرائم إرتبطت بهذه الأوراق و منافسات اللعبة التي وصلت إلى مستوى من الخطورة العالية بسببها. قدم الفيلم قصته عن طريق شخصيات تلعب هذه اللعبة و تتنافس فيما بينها للحصول على لقب الأفضل في مدينة أوساكا حيث يتواجد الشهير هيجي و جماعته و بالطبع ذهب إليهم كونان و جماعته و كالعادة تحدث جريمة أو جرائم عندما يلتقي هؤلاء ، و في هذا الفيلم حتى الجرائم المرتكبة جميعها كانت مرتبطة بلعبة الكاروتا و أوراقها التي كانت تحمل دليلا على جريمة قديمة إرتكبها صاحبها لأنه خسر في هذه اللعبة لتبدأ بعدها سلسلة من الأحداث الشيقة و المثيرة و المرتبطة بمنافسات لعبة الكاروتا.

︵⁺⏜︵︵⏜︵ ⑅

صراحة الفيلم و على الرغم من أن قصته كانت تعتمد على لعبة أوراق الكاروتا لكن لم أرى فيه تفاصيل مهمة أو كثيرة تخص هذه اللعبة و كأن الكاتب يقدمها لأشخاص يعرفونها سلفا و ليس لتلك الفئة التي لا تعرف هذه اللعبة و هذه الأخيرة لن تستفيد من الفيلم في التعرف على لعبة الكاروتا بالشكل المطلوب بل ستعرفها فقط بشكل سطحي ، فعلى عكس إنمي Chihayafuru الذي قدم تفاصيل وافية عنها إكتفى هذا الفيلم بمجرد عرض سطحي لها و هذا أمر يمكننا تفهمه كونه فيلم ووقته محدود و هنالك جرائم عليه أن يوفر لها الوقت و التفاصيل ، مع ذلك كان يمكن للكاتب أن يقدم و لو معلومات بسيطة أثناء لعب اللعبة حتى يعرف المشاهدون ماذا يتابعون بالضبط لأن من لا يعرف هذه اللعبة لن يكون قادرا على إستخلاص شيء يفيده عنها من قصة الفيلم. مع ذلك أعجبني كيف أن الفيلم ركز على عرض أجواء الكاروتا الساحرة خصوصا في شارة النهاية التي حملت صورا حقيقية من الواقع عن اللعبة حيث عرضت أشخاصا يلعبونها و هم يرتدون الزي التقليدي و صور رائعة لأوراق الكاروتا و كذلك صور مبهجة للطبيعة الخلابة خصوصا أشجار القيقب و أوراقها الحمراء التي ترمز إلى اللعبة بشكل مباشر.

︵⁺⏜︵︵⏜︵ ⑅