دائماً ما تبهرنا مملكة النمل بقدراتها المتنوعة في التعاون و العمل معاً، غير أنّ تحديات الحياة قد تفرض عليها تطوير قدرات خاصة من أجل الحصول على الطعام.
و على الرغم من امتلاكه نحو 250 ألف خلية عصبية مقارنة بمليارات الخلايا التي لدينا نحن البشر، فإنّ مملكة النمل مازالت تضرب أروع الأمثلة على المآثر التي يمكن لأفرادها تحقيقها بتعاونهم معاً. فممالك النمل أظهرت قدرتها على تجنب الازدحام، و معرفة أفرادها متى يتراجعون حتى يفسحوا المجال لفريقهم ليصبح أكثر فاعلية و كفاءة في أداء مهامه.
و يستخدم النمل الأحمر من نوع "Solenopsis invicta" مهارة خاصة لتمهيد طريقه و بناء جسور تمكنه من المرور على الأسطح للزجة، و يشتهر هذا النوع من النمل عامة بقدرته على استخدام أجساد أفراده لبناء الجسور و تحويل أنفسهم إلى أطواق نجاة تعصمهم من الفيضانات. و يستطيعون تحقيق ذلك بالتشبث ببعضهم البعض مستخدمين الأقدام و المخالب و الأفواه، حيث تقوم كلّ نملة مفردة بإنشاء 14 اتصالاً مع النمل المجاور لها، و ذلك يخلق فقاعات حولها بمساعدة هيكلها الخارجي المقاوم للماء، و هو ما يساعدها على الطفو.
كما يستخدم النمل أيضاً حيلة لنقل المؤن التي يصعب عليه نقلها مثل السوائل، إذ يترك مخلفاته و بعض أوراق الشجر في تلك السوائل، و من ثمّ ينقل هذه المواد المبللة بتلك السوائل إلى أعشاشه، إضافة إلى استخدامه مصاصاته الأنبوبية كآلية لشفط و من ثمّ تقليل مخاطر الغرق.
و يعتقد العلماء أنّ النمل يستخدم الفتات المحيط به لإنشاء جسر فوق سطح لزج من البرافين،  لتغطية الأسطح الرطبة التي يتعذر عليه الوصول إليها عندما يقوم بالبحث عن الطعام، و ذلك منح هذا النوع من النمل ميزة تنافسية على غيره من أنواع النمل الأخرى.
غير أنّ الأمر الأكثر غرابة تمثل في قدرة النمل على بناء جسر من جزيئات هذه التربة فوق سطح مادة لزجة تعدّ من المواد الطاردة و المنفرة للنمل، كما أن قدرة النمل على إعادة تدوير الفتات من حوله تساعد في عملية التعكر العضوي التي تقوم فيها الحيوانات أو النباتات بخلط و تحريك الرواسب و التربة من حولها، على نحو يزيد من نفاذية الماء و يحسن من خصوبة التربة.