قبل أقل من ساعة من شروق الشمس أو بعد ذلك بقليل، تترك غربان الزيتون منازلها الليلية لتعقد جلسات يومية صاخبة للاتفاق قبل الطيران، رغم الاحتمال الكبير لتضارب المصالح.
و إذا سئمت عند الفجر من سماع النعيق المتواصل تحت النوافذ، ليكن في علمك أنّك ربما تحضر استفتاء للغربان، إذا اكتشف الباحثون أنّ نوعاً من الغربان السود خاصة "غربان الزيتون" تسعى للتواصل إلى إجماع قبل الطيران بأعداد كبيرة من قمم الأشجار، حيث يقضون الليل عادة.
و للتوصل إلى هذا الاستنتاج، قام الباحث "أليكس دبنه" من جامعة إكستر بالمملكة المتحدة و زملاؤه بتسجيل و تصوير 6 مجموعات من الطيور التي تعيش في كورنوال، عبر القناة الإنجليزية، و سمحت لهم نحو 130 ساعة من الصوت و 55 ساعة من الفيديو بفحص عملية صنع القرار الجماعي لمجتمعات الغربان التي يصل عددها إلى أكثر من 1400 طائر.
و وجد الباحثون أنّه إذا ازدادت شدة النعيق خلال الساعة التي سبقت مغادرة المجموعة الرئيسية من الغربان، و تجاوزت مستوى صوت معين، فإنّها تغادر بشكل جماعي، لتشكل سرباً في السماء. و على العكس من ذلك، في الأيام التي لم يتم فيها الوصول إلى مستوى الضوضاء هذا، تتم عمليات الطيران تدريجياً، كما لو أنّ الطيور لم تتوصل إلى توافق في الآراء.
و للتأكد من الصلة بين النعيق و الطيران الجماعي، استخدم العلماء بعض الحيل، ففي بعض الحالات قاموا بأنفسهم ببث أصوات صرخات الغراب بين الأشجار، و بفعلهم ذلك تسببوا في رحيل متسرع. و في حالات أخرى، عندما أطلقوا تسجيلات صوت الريح، حدث الطيران في الوقت المتوقع، لذلك لم تكن الزيادة العامة في مستوى الصوت هي التي جعلت الغربان تطير، بل نداء الغربان الآخرين من الجنس نفسه.
و يصعب رؤية الغربان السود على أغصان الأشجار رغم وجودها بأعداد كثيرة جداً في الظلام، و في هذا الصدد تجيب الدراسة إنّ الإشارات الصوتية طريقة مفيدة لنقل المعلومات في مثل هذه الظروف، فهي تحافظ على وحدة المجموعة و تماسكها، و ذلك من أجل التقليل من مخاطر الافتراس و تعزيز البحث عن الطعام و ضمان وصول أفضل للشركاء المحتملين.