يُحكى أنّه في يوم من الأيام خرج رجل في سفر طويل مع ابنه إلى مدينة تبعد عنهما قرابة اليومين، و كان معهما دابة وضعا عليها كلّ أمتعتهم، و كان الرجل يردد طوال الطريق: ما حجبه الله عنّا كان أعظم! و كان الولد يستمع اإلى هذه الجملة دون أن يعلّق عليها، و بينما هما يسيران في طريقهما، كُسرت ساق الدابة في منتصف الطريق.

فقال الرجل: ما حجبه الله عنّا كان أعظم!!

فأخذ كلّ منهما متاعه على ظهره، و انطلقا معاً يكملان طريقهما، و بعد مدّة كُسرت قدم الرجل، فأصبح الرجل يمشي يجر رجله جرّاً غير قادر على حمل أيّ شيء على ظهره، و لكنّه استمر في ترديد: ما حجبه الله عنّا كان أعظم!

فما كان من الابن إلا أن قام بحمل متاعه و متاع والده أيضاً على ظهره و انطلقا معاً يكملان المسيرة، و في الطريق لدغت أفعى الابن، فوقع على الأرض من شدة الألم، فعاد الأب يردد : ما حجبه الله عنّا كان أعظم!

هنا اشتعل الابن الصابر غضباً و قال لأبيه: و هل هناك ما هو أعظم من كلّ ما أصابنا؟!

لم يجب الأب عن تساؤل ابنه، و بعد أن شفي الابن و استطاع الحركة، أكملا سيرهما و وصلا إلى المدينة، فإذا بها قد أزيلت عن بكرة أبيها، فقد ضربها زلزال قوي جداً أبادها بمن فيها.

في هذه اللحظة نظر الأب إلى ابنه قائلاً: أرأيت يا بني؟ لو لم يُصبنا ما أصابنا في رحلتنا لكنّا وصلنا في ذلك اليوم و لأصابنا ما هو أعظم، و كنّا الآن في تعداد الأموات مع من هلك في هذه المدينة، و لكنّ الله عز و جلّ حجب عنا ما كان أعظم برحمته التي وسعت كلّ شيء.

علينا أن نعلم أعزائي القرّاء، أنّ ما أصابنا من حزن و هم يمكن أن يكون خيراً لنا، و إذا أصابتك مصيبة، قل الحمد لله على كلّ حال آلاف المرات، بهذا تكون قد بدأت الخطوة الأولى في طريق انفراج الكرب.