كان الملك "النعمان بن المنذر بن المنذر بن امرئ القيس اللخمي" ملك الحيرة من أشهر ملوك المناذرة ما قبل الإسلام، و كان يلقّب بأبي قابوس، و يُحكى أنّه في زمنه، كان يوجد يومان في السنة، يوم يسميه الملك "يوم البؤس"، يخرج فيه يقتل كلّ من صادفه في طريقه، و يوم آخر يُطلق عليه "يوم النعيم"، يغدق فيه بالأموال و الثراء و الإحسان على كلّ من يقابله، و كان هناك رجل يدعى "حنظلة الطائي" قد بلغ منه الفقر مبلغه، فخرج ذات يوم من بلده مسافراً ليعمل في بلاد "النعمان" حتى يجد قوت نفسه و أولاده، و بينما هو كذلك قد أخذ قوته و في طريق عودته إلى صغاره صادف في طريقه "النعمان" و كان "يوم البؤس"، فعندما رآه "الطائي" علم أنّه مقتول لا محالة.
فقال "الطائي": حيّا الله الملك، إنّ لي أولاداً صغاراً و أهلاً جياعاً و قد خرجت لأجد قوت نفسي و أولادي و لكن قادني سوء حظي لملاقاك في هذا اليوم العبوس، و قد قربت من مقرّ الصبية و الأهل و لن يتفاوت الحال في قتلي بين أول النهار و آخره، فإن أذِن لي الملك أن أوصل إليهم هذا القوت و أوصي بهم أهل المروءة من الحي حتى لا يهلكوا و يضيعوا، ثمّ أعود من جديد إلى الملك "النعمان" و أسلّم نفسي إليه ليقتلني .
عندما سمع الملك "النعمان" حديث "الطائي" رقّ لحاله و لحال أطفاله، و لكنّه قال: و الله لا أسمح لك بالذهاب حتى يَضْمَنك رجل، فإن لم تعد قَتَلتُه، نظر "الطائي" فلم يجد سوى "شريك ابن عدي بن شرحبيل" نديم الملك النعمان، فنظر "الطائي" إلى "شريك" و قال له:
يا شريك بن عدي.. ما من الموت انهزام، من لأطفال ضعاف.. عُدموا طعم الطعام، بين رجوع و انتظار.. و سقام، يا أخا كلّ كريم.. أنت من قوم كرام، يا أخا النعمان جُدْ لي.. بضمان و التزام، و لك الله بأنّي.. راجع قبل الظلام. فرَقّ شريك بن عدي لحال "الطائي" و أطفاله و ضمنه عند الملك.
فذهب الطائي مسرعاً إلى بلاده و صار "النعمان" يقول لشريك: لقد ولّى صدر النّهار و لم يعد "الطائي" حتى الآن، و "شريك" يقول: ليس للملك عليّ سبيل حتى يأتي المساء، فعندما اقترب المساء قال "النعمان" لشريك في شماتة لقد جاء وقتك، قم فتأهب للقتل، نظر "شريك" في يأس فوجد رجلاً يأتي من بعيد، فتمنى في نفسه أن يكون "الطائي".
و بالفعل اقترب الرجل و كان "الطائي"، فقام "شريك" على الفور إليه يعانقه و قد اطمئن قلبه و "الطائي" يقول: أُعذرني يا أخي و الله خشيت أن ينقضي النّهار قبل وصولي، و ها أنا ذا أقف أمامك يا مولاي لتقتلني .
تعجب "النعمان" كثيراً من موقف الرجلين و قال لهما: و الله ما رأيت أعجب منكما، أمّا أنت يا "طائي" فما تركت لأحد في الوفاء مقاماً، و أمّا أنت يا "شريك" فما تركت لكريم سَمَاحة يذكر بها في الكرماء، فلم تتركوا لي إلّا أن أقول إنّي قد رفعت يوم البؤس عن الناس و نقضت عادتي كرامة لوفاء "الطائي" و كرم "شريك".
و استطرد النعمان قائلاً: و لكن لدي سؤال آخر، ما حَمَلَك على الوفاء على الرغم من أنّ فيه ضياع نفسك و قتلك؟ فقال الطائي: ديني، فمن لا وفاء فيه لا دين له. فأحسن إليه "النعمان"، و وصله بما أغناه مكرماً إلى أهله و أناله ما تمناه.
إنّ مثل هذه الأخلاق الراقية في الوفاء نحن بحاجة إليها الآن، فأين نحن الآن من هؤلاء؟
فقال "الطائي": حيّا الله الملك، إنّ لي أولاداً صغاراً و أهلاً جياعاً و قد خرجت لأجد قوت نفسي و أولادي و لكن قادني سوء حظي لملاقاك في هذا اليوم العبوس، و قد قربت من مقرّ الصبية و الأهل و لن يتفاوت الحال في قتلي بين أول النهار و آخره، فإن أذِن لي الملك أن أوصل إليهم هذا القوت و أوصي بهم أهل المروءة من الحي حتى لا يهلكوا و يضيعوا، ثمّ أعود من جديد إلى الملك "النعمان" و أسلّم نفسي إليه ليقتلني .
عندما سمع الملك "النعمان" حديث "الطائي" رقّ لحاله و لحال أطفاله، و لكنّه قال: و الله لا أسمح لك بالذهاب حتى يَضْمَنك رجل، فإن لم تعد قَتَلتُه، نظر "الطائي" فلم يجد سوى "شريك ابن عدي بن شرحبيل" نديم الملك النعمان، فنظر "الطائي" إلى "شريك" و قال له:
يا شريك بن عدي.. ما من الموت انهزام، من لأطفال ضعاف.. عُدموا طعم الطعام، بين رجوع و انتظار.. و سقام، يا أخا كلّ كريم.. أنت من قوم كرام، يا أخا النعمان جُدْ لي.. بضمان و التزام، و لك الله بأنّي.. راجع قبل الظلام. فرَقّ شريك بن عدي لحال "الطائي" و أطفاله و ضمنه عند الملك.
فذهب الطائي مسرعاً إلى بلاده و صار "النعمان" يقول لشريك: لقد ولّى صدر النّهار و لم يعد "الطائي" حتى الآن، و "شريك" يقول: ليس للملك عليّ سبيل حتى يأتي المساء، فعندما اقترب المساء قال "النعمان" لشريك في شماتة لقد جاء وقتك، قم فتأهب للقتل، نظر "شريك" في يأس فوجد رجلاً يأتي من بعيد، فتمنى في نفسه أن يكون "الطائي".
و بالفعل اقترب الرجل و كان "الطائي"، فقام "شريك" على الفور إليه يعانقه و قد اطمئن قلبه و "الطائي" يقول: أُعذرني يا أخي و الله خشيت أن ينقضي النّهار قبل وصولي، و ها أنا ذا أقف أمامك يا مولاي لتقتلني .
تعجب "النعمان" كثيراً من موقف الرجلين و قال لهما: و الله ما رأيت أعجب منكما، أمّا أنت يا "طائي" فما تركت لأحد في الوفاء مقاماً، و أمّا أنت يا "شريك" فما تركت لكريم سَمَاحة يذكر بها في الكرماء، فلم تتركوا لي إلّا أن أقول إنّي قد رفعت يوم البؤس عن الناس و نقضت عادتي كرامة لوفاء "الطائي" و كرم "شريك".
و استطرد النعمان قائلاً: و لكن لدي سؤال آخر، ما حَمَلَك على الوفاء على الرغم من أنّ فيه ضياع نفسك و قتلك؟ فقال الطائي: ديني، فمن لا وفاء فيه لا دين له. فأحسن إليه "النعمان"، و وصله بما أغناه مكرماً إلى أهله و أناله ما تمناه.
إنّ مثل هذه الأخلاق الراقية في الوفاء نحن بحاجة إليها الآن، فأين نحن الآن من هؤلاء؟