يُحكى أنّه في قديم الزمان كان هناك أميرٌ عادلٌ أراد أن يتحقق بنفسه من صحة ما قيل له عن وجود قاضٍ عادلٍ في مملكته لا يمكن لأحد أبداً أن يخدعه، فتنكر الأمير في زي تاجر و امتطى جواده و انطلق نحو المدينة، و في طريقه أوقفه رجلٌ عجوز يطلب منه صدقة، فأعطاه فإذا بالعجوز يتشبث بردائه، و يطلب منه أن يوصله إلى ساحة المدينة.
فأجابه الأمير إلى طلبه و أوصله إلى ساحة المدينة إلا أنّ الرجل رفض النزول عن ظهر الجواد، فنهره الأمير قائلاً: لماذا ترفض النزول؟ ها قد وصلنا إلى ساحة المدينة، فقال له العجوز: و لِمَ أنزل و هذا الجواد ملكي؟ استشاط الأمير غضباً من الرجل و اشتد بينهما الخلاف حتى تجمع حولهما النّاس و اقترحوا عليهما أن يذهبا إلى قاضي المدينة ليفصل بينهما.
مضى الاثنان إلى القاضي و النّاس معهما، و بدأ الحاجب ينادي على المتخاصمين حسب الدور، فاستُدعي في البداية نجّار و سمّان كانا يتنازعان نقوداً بيد التاجر، و بدأ النجّار بالحديث فقال: اشتريت من هذا السمّان سمناً، و عندما أخرجت محفظتي لأدفع ثمن ما اشتريته، اختطفها من يدي محاولاً انتزاع النقود، و هكذا جئنا إليك، يده على يدي و محفظتي و لكن النقود هي نقودي أنا، أمّا السمّان فقد قال: هذا كذب و افتراء، لقد جاء هذا النجّار إليّ ليشتري مني سمناً و بعد أن ملأت له الإبريق بأكمله طلب مني أفك له قطعة ذهبية، فأخرجت المحفظة و وضعتها على الطاولة فأخذها و أراد الهرب و لكنني أمسكت به قبل أن يهرب و جئت به إلى هنا.
صمت القاضي مفكراً ثمّ قال: اتركا المحفظة هنا و احضرا غداً، و عندما حان دور الأمير و العجوز، قصّ الأمير ما حدث، ثمّ أشار القاضي للعجوز أن يأتي بحجته فقال العجوز: إنّ كلّ هذا كذب، لقد كنت ممتطياً جوادي في ساحة المدينة، أمّا هذا الرجل فقد كان جالساً على الأرض، و طلب مني أن أحمله فسمحت له بركوب الجواد و نقلته إلى المكان الذي يريده و لكنه رفض النزول بعد ذلك و ادّعى أنّ الجواد ملكه، فكّر القاضي قليلاً ثمّ قال: اتركا الجواد عندي و احضرا غداً.
و في اليوم التالي اجتمع المتخاصمون في المحكمة للاستماع إلى حكم القاضي، فتقدّم النجّار و السمّان أولاً لمعرفة الحكم، فقال القاضي للنجّار: النقود ملكك، ثمّ أشار إلى السمّان قائلاً: أمّا هذا السمّان فخذوه إلى السجن، ثمّ استدعى القاضي الأمير و العجوز و سأل الأمير: هل تستطيع معرفة جوادك من بين عشرين جواداً؟ فأجابه الأمير: نعم، فسأل القاضي العجوز نفس السؤال فأجاب الآخر بالإيجاب أيضاً، فأخذهما القاضي إلى الإسطبل فأشار الأمير على الفور إلى جواده الذي ميزه من بين عشرين جواداً، و كذلك تعرّف العجوز على الجواد.
عاد القاضي إلى المحكمة و قال للأمير: الجواد جوادك فخذه، أمّا هذا الرجل فعقوبته السجن.
و بعد انتهاء المحاكمة ذهب القاضي إلى بيته، فتعقبه الأمير، التفت إليه القاضي و سأله عن الذي يريده، أجابه الأمير لقد أردت أن أعرف كيف عرفت أنّ النقود ملك النجّار و أنّ الجواد لي؟ قال القاضي: أمّا أمر النجّار و السمّان، فقد وضعت النقود في قدح من الماء، ثمّ نظرت اليوم صباحاً إلى القدح لأرى ما إذا كان السمن طافياً على سطح الماء، فلو كانت النقود عائدة للسمّان، لكانت ملوثة بيديه الدسمتين و لطفا السمن في القدح، أمّا معرفة مالك الجواد فكانت أصعب بالنسبة إليّ، حيث أنّ العجوز أشار مثلك إلى الجواد على الفور، و لكنني لم أصطحبكما إلى الإسطبل لأرى إن كنتما ستتعرفان على الجواد، بل فعلت ذلك لأرى ردة فعل الجواد عندما يراكما، و عندما اقتربت أنت منه التفت برأسه، و مدّه إليك، و عندما اقترب منه العجوز منه رفع أذنيه و أبعد رأسه مستنكراً، و بهذه الطريقة عرفت أنّك صاحب الجواد.
في هذه اللحظة قال الأمير: أنا لست تاجراً، بل أنا أمير البلاد و قد جئت إليك لأعرف حقيقة ما يقال عنك، و ها أنا رأيت بنفسي أنّك قاضٍ حكيم و عادل فاطلب مني ما تشاء لأكافئك به، فقال القاضي: شكراً لك أيّها الأمير، فأنا لا أحتاج مكافأة على أداء عملي بصدق.
فأجابه الأمير إلى طلبه و أوصله إلى ساحة المدينة إلا أنّ الرجل رفض النزول عن ظهر الجواد، فنهره الأمير قائلاً: لماذا ترفض النزول؟ ها قد وصلنا إلى ساحة المدينة، فقال له العجوز: و لِمَ أنزل و هذا الجواد ملكي؟ استشاط الأمير غضباً من الرجل و اشتد بينهما الخلاف حتى تجمع حولهما النّاس و اقترحوا عليهما أن يذهبا إلى قاضي المدينة ليفصل بينهما.
مضى الاثنان إلى القاضي و النّاس معهما، و بدأ الحاجب ينادي على المتخاصمين حسب الدور، فاستُدعي في البداية نجّار و سمّان كانا يتنازعان نقوداً بيد التاجر، و بدأ النجّار بالحديث فقال: اشتريت من هذا السمّان سمناً، و عندما أخرجت محفظتي لأدفع ثمن ما اشتريته، اختطفها من يدي محاولاً انتزاع النقود، و هكذا جئنا إليك، يده على يدي و محفظتي و لكن النقود هي نقودي أنا، أمّا السمّان فقد قال: هذا كذب و افتراء، لقد جاء هذا النجّار إليّ ليشتري مني سمناً و بعد أن ملأت له الإبريق بأكمله طلب مني أفك له قطعة ذهبية، فأخرجت المحفظة و وضعتها على الطاولة فأخذها و أراد الهرب و لكنني أمسكت به قبل أن يهرب و جئت به إلى هنا.
صمت القاضي مفكراً ثمّ قال: اتركا المحفظة هنا و احضرا غداً، و عندما حان دور الأمير و العجوز، قصّ الأمير ما حدث، ثمّ أشار القاضي للعجوز أن يأتي بحجته فقال العجوز: إنّ كلّ هذا كذب، لقد كنت ممتطياً جوادي في ساحة المدينة، أمّا هذا الرجل فقد كان جالساً على الأرض، و طلب مني أن أحمله فسمحت له بركوب الجواد و نقلته إلى المكان الذي يريده و لكنه رفض النزول بعد ذلك و ادّعى أنّ الجواد ملكه، فكّر القاضي قليلاً ثمّ قال: اتركا الجواد عندي و احضرا غداً.
و في اليوم التالي اجتمع المتخاصمون في المحكمة للاستماع إلى حكم القاضي، فتقدّم النجّار و السمّان أولاً لمعرفة الحكم، فقال القاضي للنجّار: النقود ملكك، ثمّ أشار إلى السمّان قائلاً: أمّا هذا السمّان فخذوه إلى السجن، ثمّ استدعى القاضي الأمير و العجوز و سأل الأمير: هل تستطيع معرفة جوادك من بين عشرين جواداً؟ فأجابه الأمير: نعم، فسأل القاضي العجوز نفس السؤال فأجاب الآخر بالإيجاب أيضاً، فأخذهما القاضي إلى الإسطبل فأشار الأمير على الفور إلى جواده الذي ميزه من بين عشرين جواداً، و كذلك تعرّف العجوز على الجواد.
عاد القاضي إلى المحكمة و قال للأمير: الجواد جوادك فخذه، أمّا هذا الرجل فعقوبته السجن.
و بعد انتهاء المحاكمة ذهب القاضي إلى بيته، فتعقبه الأمير، التفت إليه القاضي و سأله عن الذي يريده، أجابه الأمير لقد أردت أن أعرف كيف عرفت أنّ النقود ملك النجّار و أنّ الجواد لي؟ قال القاضي: أمّا أمر النجّار و السمّان، فقد وضعت النقود في قدح من الماء، ثمّ نظرت اليوم صباحاً إلى القدح لأرى ما إذا كان السمن طافياً على سطح الماء، فلو كانت النقود عائدة للسمّان، لكانت ملوثة بيديه الدسمتين و لطفا السمن في القدح، أمّا معرفة مالك الجواد فكانت أصعب بالنسبة إليّ، حيث أنّ العجوز أشار مثلك إلى الجواد على الفور، و لكنني لم أصطحبكما إلى الإسطبل لأرى إن كنتما ستتعرفان على الجواد، بل فعلت ذلك لأرى ردة فعل الجواد عندما يراكما، و عندما اقتربت أنت منه التفت برأسه، و مدّه إليك، و عندما اقترب منه العجوز منه رفع أذنيه و أبعد رأسه مستنكراً، و بهذه الطريقة عرفت أنّك صاحب الجواد.
في هذه اللحظة قال الأمير: أنا لست تاجراً، بل أنا أمير البلاد و قد جئت إليك لأعرف حقيقة ما يقال عنك، و ها أنا رأيت بنفسي أنّك قاضٍ حكيم و عادل فاطلب مني ما تشاء لأكافئك به، فقال القاضي: شكراً لك أيّها الأمير، فأنا لا أحتاج مكافأة على أداء عملي بصدق.
