توقفنا المرّة الماضية في حكاية "محمد ابن أبي عامر _الجزء الاول" عندما تم اختيار ثلاثة أوصياء للخليفة الصغير "هشام المؤيد بالله"، و هم: محمد ابن أبي عامر و ابن أبي غالب و المصحفي، كان محمد ابن أبي عامر مقرّباً إلى والدة الخليفة "صبح البشكنجية"، و استطاع بذكائه و حنكته أن يأخذ الوصاية بمفرده على الأمير "هشام"، و أصبح في عهده حاجب الدولة، ثمّ المتصرف في كلّ شؤونها، إلى أن وصل سُدَّة الحكم في الأندلس و لقب نفسه ب "الحاجب المنصور".

الحكاية لم تنتهِ بعد ففي يوم من الأيام و بعد ثلاثين سنة من بيع الحمار و الحاجب المنصور يعتلي عرش الخلافة و حوله الفقهاء و الأمراء و العلماء، و في يوم من الأيّام تذكّر صاحبيه الحمّارين، فأرسل أحد الجند في طلبهما.

وصل الجندي و وجد الرجلين بنفس الصفة و في نفس المكان، فأحضرهما إلى "الحاجب المنصور"، فعرفاه، فقصّ على حاشيته قصته مع رفيقيه الحمّارين، و قال للأول: ماذا تمنيت أنت؟ فذكر له ما تمنى، فقال: أعطوه كلّ ما تمناه، ثمّ التفت للثاني و قال: و أنت ماذا تمنيت؟ قال الرجل: أعفني يا أمير المؤمنين، قال: لا و الله حتى تخبرهم، فقال الرجل: قلت إن أصبحت خليفة فاجعلني على حمار و اجعل وجهي إلى الوراء و اطلب من المنادي ينادي في الناس: أيّها الناس! هذا دجّال محتال من يمشي معه أو يحدثه أودعته السجن، قال "الحاجب المنصور محمد ابن أبي عامر": افعلوا به ما تمنى حتى يعلم أنّ الله على كلّ شيء قدير.

هل تعلم عزيزي القارئ ما هو الحمار الذي يجب أن نبيعه جميعاً؟ هي تلك القناعات التي يحملها الكثير منا، مثل: لا أستطيع، لا أصلح أنا، لا أنفع في شيء، و أن نستبدلها بقولنا: أنا أستطيع تحقيق أحلامي و أن أصل إلى هدفي إن شاء الله تعالى، و تذكر دائماً "إنّ الله على كلّ شيء قدير"، و قول الحبيب صلى الله عليه و سلم عن ربه في الحديث القدسي: "أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء" فظن بربك خيراً، و ظن أنّ الله سيوفقك و يحقق لك آمالك فإن كنت تظن بالله حسناً تجد خيراً و إن ظننت به غير ذلك ستجد ما ظننت..