السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

•[الصبر على البلاء جزء من شكر نعم الله]•

{ۗ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا ۚ نِّعْمَ الْعَبْدُ ۖ إِنَّهُ أَوَّابٌ}"ص:٤٤"

إنـه أيـوب-عليه السّلام-، الذي مسّـه الـضـر سـنـوات، لم يكن ابتلاؤه في بدنـه فقط ! بـل ابـتـلاء في مـوت أولاده، وابتلاء في ذهاب أمواله، وابتلاء في انفضاض الناس من حوله، وابتلاء في إخراجه من قريته لتأذي الناس من مرضه، وابتلاء في طول زمن الابتلاء، وابتلاء أعظم من ذلك شماتة الأعداء.

يخبرنا الله هنا أنه عليه السّلام قد تجاوز الاختبار، فنال تزكية الكبير المتعال، {ۗ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا ۚ نِّعْمَ الْعَبْدُ ۖ إِنَّهُ أَوَّابٌ} هذه التزكيـة ثمنها صبر سـبـع سـنـوات، وهي والله تزكيـة عظيمة لو عمر العبد في البلاء عمره كله لينال هذه التزكية لما كانت قليلة.

لما رأت امرأته طول مدة بلائه جزعـت فبكت، قال لها: كم مكثنا في النعيم؟
قالت: سبعين سنة
قال: فاصبري حتى نكون في البلاء سبعين سنة كما كنا في الرخاء سبعين سنة، ثم اجزعي.

قد يمرض الإنسان فيتسخط فتكون مصيبته بتسخط أعظم من مصيبته بمرضه.

أيوب -عليه السّلام - ينظر إلى أن الصبر جزء من شكر نعم الله السابقة، ويرى أن الصبر والرضا أعظم ما يطلـب به الأجر والجـزاء، وقد قال الله تعالى:{إنّما يوفى الصيرون أجرهم بغير حساب ﴾،
قال الأوزاعي: «ليـس يـوزن لهم ولا يكال، إنما يغرف لهم غرفا».

المؤمن ينظر أن المرض رفعة له وتكفير لسيئاته، ولذلك فهـو يصبر ويحتسب، فكـم مـن صابر علـى البـلاء أكرمه الله بعظيم الجزاء في الدنيا قبل الآخرة.

المرض أحيانًـا عـافيـة لدينك، تصـبر فتؤجـر، وترضى فيرضي الله عنك.
وكـم من مريـض عوفي مـن مرضـه فحمد الله على هذا المرض الذي أصلح من حاله في الدنيا مع ما ادخر الله له من الأجر في الآخرة.

عندمـا تـمـرض انظـر للطف الله بـك في كثير من الأشياء لتعلم أن المرض لم يأخذ منك كل شيء، وأعظمها دينك.

فهـذا عـروة بن الزبير، لمـا أخـذت الآكلـة في رجله تفسدها، قـال لـه الأطباء: لا بد مـن قطع رجلك لئلا تفسد بقية جسمك، فطلبهـم أن يقطعوها وهو يصلي، فتصبر حتى قطعت، وكان له ابن اسمه محمد، أحد أبنائه السبعة، وكان يلقب بزين المواكب لحسنه، دخل إسطبلا فرفسته دابة فمات، فجاء المعزون يعزونه فظن أنهم يعزونه لفقد رجله، فلما أخبر بمـوت ولده رفع رأسـه إلى السماء فقال: وعزتك لئن كنت ابتليت لقد عافيت ولئن كنت قد أخذت لقـد أبقيت، أخذت واحدا وأبقيت لي ستة، وأخذت طرفا وأبقيت ثلاثا.

صـدق والله، فإن أخذ فقـد أبقـى، وإن ابتلى فقد عافي، خذها قاعدة في كل مصيبة تطرقك

مسك: عن جابر بن عبدالله -رضي الله عنه-، قال : قال رسول الله ﷺ :"يودُّ أهْلُ العافِيَةِ يومَ القيامَةِ حينَ يُعْطَى أهلُ البلاءِ الثوابَ ، لو أنَّ جلُودَهم كانتْ قُرِضَتْ في الدنيا بالمقارِيضِ"

كتاب برد الطمانينة
للدكتور:بندر بن سليم الشراري

في أمان الله