من ثمرات العلم في الأخرة
دخول الجنة .
من ثمرات العلم في الأخرة دخول الجنة، حيث روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلَّ الله عليه وسلم أنه قال: (من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا، سهَّل الله له به طريقًا إلى الجنة)، أي أنك بالتماسك طريقًا تطلب فيه العلم، تمشي خطاك إلى الجنة بأمر الله تعالى.
كما أن العلم لا ينقطع تحصيل أجره بالوفاة، فالإنسان بعد موته ينقطع عمله إلا ثلاثة أعمال يظل يحصِّل أجرها حتى بعد موته وهي: الصدقات الجارية التي عملها في حياته، وعلم ينتفع به الناس من بعده، وولد صالح يدعو له بعد موته، يقول صلَّ الله عليه وسلم: (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: إلا من صدقة جارية، أو علم يُنتفع به، أو ولد صالحٌ يدعوله).
ثمرات العلم على المتعلم
- ينال المتعلم رضا الله تعالى.
- يرفع العلم منزلة صاحبه عند الله.
- يكتسب المتعلم نضارةً في وجهه.
للعلم ثمرات، ومنها ثمرات تظهر على المتعلم، وينعم بها، ويسعى إليها بتحصيله العلم، وإليك بعض ثمرات تحصيل العلم على المتعلم:
ينال المتعلم رضا الله تعالى: يقول تعالى في كتابه العزيز في المتفقهين في الدين، ناقلي العلم إلى غيرهم: (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ)، فيجب التفقه في الدين، ونقله للعباد ليتعلموا ويُعلِّموا غيرهم، وهو فرض كفاية كما يقول القرطبي، أي أنه فرض إذا أداه البعض سقط عن الباقين، وإذا لم يؤديه أحد أثِم الجميع.
قال رسول الله صلَّ الله عليه وسلم: (من يُردِ الله به خيرًا يُفقهه في الدين)، فإذا كان ربك قد يسرك لتحصيل العلم الشرعي، فقد أراد بك خيرًا.
يرفع العلم منزلة صاحبه عند الله: يقول تعالى: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ)، ويقول: (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
يكتسب المتعلم نضارةً في وجهه: دعا النبي للمتعلم الذي ينقل العلم أن يكتسب نضارةً في وجهه، فقد روى الترمذيُّ عن عبدالله بن مسعود: أن النبي صلَّ الله عليه وسلم قال: (نضَّر الله امرأً سمع منا شيئًا فبلغه كما سمع، فرُبَّ مبلَّغٍ أوعى مِن سامع).
العلم ميراث الأنبياء
لم يُوِّرث الأنبياء أهلهم ولا أتباعم أموالًا، وأملاكًا، وإنما أورثوهم العلم، فمن تعلَّم، وسعى لتحصيل العلم، فهو من ورثة الأنبياء سلام الله عليهم جميعًا، روى أبو الدرداء عن النبي صلَّ الله عليه وسلم أنه قال: (إن العلماء ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يُوِّرثوا دينارًا ولا درهمًا، إنما ورَّثوا العلم، فمن أخذ به أخذ بحظٍ وافر).
وروى الطبراني عن أبي هريرة: أنه مرَّ بسوق المدينة، فوقف عليها، فقال: (يا أهل السوق، ما أعجزكم! قالوا: وما ذاك يا أبا هريرة؟ قال: ذاك ميراث رسول الله صلَّ الله عليه وسلم يقسَّم وأنتم ها هنا، ألا تذهبون فتأخذون نصيبكم منه؟ قالوا: وأين هو؟ قال: في المسجد، فخرجوا سِراعًا، ووقف أبو هريرة لهم حتى رجعوا،فقال لهم: ما لكم؟ فقالوا: يا أبا هريرة، قد أتينا المسجد فدخلنا فيه فلم نرَ شيئًا يقسم! فقال لهم أبو هريرة: وما رأيتم في المسجد أحدًا؟ قالوا: بلى، رأينا قومًا يصلُّون، وقومًا يتذاكرون القرآن، وقومًا يتذاكرون الحلال والحرام، فقال لهم أبو هريرة: وَيْحَكُمْ! فذاك ميراث محمد صلَّ الله عليه وسلم).
ثمرة العلم العمل
على المتعلم أن يُعلِّم، فالمقصود من تحصيل العلم هو العمل به، ونشره بين الناس، وخاصةً العلوم الشرعية، فبدون تطيق ما تعلمته، ودون نشره فلا فائدة منه، وقد حذرنا الله ورسوله من التصرف عكس ما تعلمنا، كأن تكون أفعالنا مخالفة لأقولنا، يقول تعالى لمن خالف عمله علمه: (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ) فكيف تنشر العلم بين الناس، ثم تخالفه، وتأتي ما كنت تنهاهم عنه؟ ويقول سبحانه وتعالى منكرًا على من يفعل ذلك من المؤمنين: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ، كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ).
يقول تعالى في أصحاب النبي صلَّ الله عليه وسلم: (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ)، وقوله: يتلونه حق تلاوته) يعني أنهم يتبعونه حق اتباعه، فما أمر به الكتاب فعلوه، وما نهى عنه اجتنبوه، أما ما قاله تعالى عن اليهود الذين لم يعملوا بالكتاب الذي أُنزل عليهم: (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)، قال ابن كثير: (هذه الآية ذمٌّ لليهود الذين أُعطُوا التوراة وحملوها للعمل بها، ثم لم يعملوا بها، مَثَلُهم في ذلك كمَثَلِ الحمار يحمل أسفارًا، أي: كمَثَلِ الحمار إذا حمَل كتبًا لا يدري ما فيها).
على المتعلم العمل بما علم
لا يفلح عمل المرء إن كان يخالف ما تعلم، وينهى الناس عن ما يجيئ به، قال رسول الله صلَّ الله عليه وسلم: (يجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار، فتندَلِقُ أقتابه في النار، فيدور كما يدور الحمار برحاه، فيجتمع أهل النار عليه فيقولون: أيْ فلانُ، ما شأنك؟ أليس كنت تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر؟! قال: كنتُ آمركم بالمعروف ولا آتيه، وأنهاكم عن المنكَر وآتيه)، فيكون جزاء العالم الذي خالف ما أمر الناس به، ونهاهم عنه النار.
يُسال العبد يوم القيامة عن علمه، كيف انتفع به، وفيما أنفقه، فقد روى الترمذي عن أبي برزة الأسلمي: أن رسول الله صلَّ الله عليه وسلم قال: (لا تزولُ قدمَا عبدٍ يوم القيامة حتى يُسأل عن عمره فيمَ أفناه؟ وعن علمه فيم فعل؟ وعن ماله من أين اكتسبه؟ وفيمَ أنفقه؟ وعن جسمه فيمَ أبلاه)، فإن كان لم ينفعه علمه فقد ضل، رحمنا الله وإياكم، وروى مسلمٌ عن زيد بن أرقمَ: أن رسول الله صلَّ الله عليه وسلم قال: (اللهم إني أعوذ بك من علمٍ لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفسٍ لا تشبع، ومن دعوة لا يستجاب لها)، ومما ورد عن أبي هريرة أنه قال: مَثَلُ علمٍ لا يُعمَلُ به كمَثَلِ كنزٍ لا يُنفَق منه في سبيل الله.
من ثمرات العلم أنه يرفع منزلة أصحابه بين الناس
للعلم هيبة لا يكتسبها المرء بالمال، أو غيره من أمور الدنيا، فهو شرف يضع العبد منزلة الملوك، وإن كان ليس ذا مال، وإليك بعض النماذج التي اكتسبت شرف العلم ورفع مكانتها بين الناس:
- عبد الرحمن بن أبزي.
- عكرمة مولى بن عباس.
عبد الرحمن بن أبزي: روى مسلمٌ عن عامر بن واثلة: أن نافع بن عبدالحارث لقي عمرَ بعُسْفان، وكان عمر يستعمله على مكة (أي عبدالحمن)، فقال: مَن استعملت على أهل الوادي؟ فقال: ابنَ أبزى، قال: ومَن ابنُ أبزى؟ قال: مولًى مِن موالينا، قال: فاستخلفتَ عليهم مولًى؟! قال: إنه قارئٌ لكتاب الله عز وجل، وإنه عالمٌ بالفرائض، قال عمر: أما إن نبيَّكم صلَّ الله عليه وسلم قد قال: (إن الله يرفَعُ بهذا الكتاب أقوامًا، ويضعُ به آخَرين)، أي أنه عبد الرحمن قد اكتسب مكانته فقط لأنه قارئ لكتاب الله، عالمًا بالفرائض، ليس لسلطةٍ اكتسبها، ولا مال، ولاغيره من أمور الدنيا.
عكرمة مولى بن عباس: كان عكرمةُ مولًى لابن عباس، ومات ابنُ عباس وهو لا يزال مولًى، فاشتراه خالد بن يزيد بن معاوية مِن علي بن عبدالله بن عباس بأربعة آلاف دينار، فبلغ ذلك عكرمةَ، فأتى عليًّا، فقال: بِعْتَ علمَ أبيك بأربعة آلاف دينار؟ فذهَب عليٌّ إلى خالدٍ فاستقاله (أي: طلب منه أن يتراجع عن شرائه)، فأقاله، ثم أعتَق عكرمة،وكان عكرمة يقولُ: (كان ابنُ عباس يجعل في رِجْلَيَّ الكبل ويعلِّمُني القرآن والسنن)، كان عبدًا فصار حرًا، وعلمًا يمشي على الأرض، حرره العلم، ورفع شأنه.[1][2]