حكم العلم قبل الدعوة إلى الله
حكم العلم قبل الدعوة إلى الله واجب ، ولا يجوز الدعوة إلى الله قبل تعلم ما يدعو إلية ، ويطالب الشخص بدعوة لما يعرفه حتى لو صغير مثل الصلاة والآيات القرآنية الصغيرة ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: بلغوا عني ولو آية. رواه البخاري،
ويعتبر العلم من أهم شروط الدعوة إلى الله ، فقال تعالى: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ {محمد:19}، فقدم العلم قبل القول والعمل.
وقال الله تعالي على لسان النبي صلى الله عليه وسلم: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي {يوسف:108}
وقال القرطبي في بيان معنى قول الله تعالى (عَلَى بَصِيرَةٍ)، قال: أي: على يقين وحق…. انتهى.
فلا يتوصل الشخص لليقين والحق إلا بعد العلم الكافي والوفير ، وهناك حرمانية في الدعوة لله بجهل وبدون دراسة ، فقد قال تعالى: وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً {الإسراء:36}، كما قال الله تعالي : قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ {الأعراف:33}.
وقال صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت.. رواه أبو داود وحسنه الألباني. [1]
من شروط الداعي إلى الله أن يكون على علم وبصيرة
نعم يجب على كل داعي أن يكون على علم وفير بما ينصح به الناس ويدعو له .
شروط الدعوة إلى الله
- يجب على الداعي أن يكون مخلص في دعوته ويكون الغرض هو اقامة دين صحيح واصلاح الأمه.
- الإخلاص في الدعوة إلى الله.
- العلم بالشريعة وادابها ، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم-: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِي﴾[يوسف: 108].[4]
فضل الدعوة إلى الله تعالى في السنة النبوية
الدعوة إلى الله تعالى يجب ألا تغيب عن البشرية ،وعلى عكس الاعتقاد الشائع أن الدعوة بدأت في عصر نبي محمد صلى الله عليه وسلم ، فهي بدأت منذ قديم الأزل وذكر ذلك في قصص الأنبياء في القرآن الكريم ، والدعوة الى من اعظم وافضل الاشياء التي يقوم بها العبد والتي تزيد من دراجته ومقامة ، ولكن يجب التأكيد أن لا يجوز الدعوة إلى الله بدون علم ، فلابد من العلم الوافي الكافي عن ما يدعو إليه الإنسان ، وورد الكثير من الأحاديث النبوية التي تظل على اهمية وفضل الدعوة الى الله وفيما يلي بعض هذه الأحاديث:
- عن عبدالله بن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (نضَّر الله امرأً سمع منا شيئًا، فبلغه كما سمعه، فرب مبلغ أوعى من سامع)
واتضح في هذا الحديث أهمية حفظ الأحاديث وتعلمها بصورة صحيحة وتعليمها للناس.
- عن أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري البدري رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من دلَّ على خيرٍ، فله مثل أجر فاعله)
دل هذا الحديث أن ثواب من دل على العلم مثل ثواب من فاعله.
- عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله تعالى عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من يرد الله به خيرًا يفقه في الدين)
- عن أبي رقية تميم بن أوسٍ الداري رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الدِّين النصيحة)، قلنا: لِمَن؟ قال: (لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم).
في هذا الحديث يتضح أن النصيحة في الصلاة والأمر بالمعروف والصيام والنهي عن المحرمات هي أساس الدين.
- عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (بلِّغوا عني ولو آية، وحدِّثوا عن بني إسرائيل ولا حرَج، ومَن كذب عليَّ متعمِّدًا فليتبوَّأْ مقعدَه من النار)
هنا يتضح أهمية تبليغ الدعوة لجميع الناس فأي شخص استطاع أن يتعلم أيه يجب أن يعلمها لغيره ، وينطبق ذلك أيضاً على الأحاديث وأي شئ يفيد الأمه.
- عن حذيفة بن اليمان رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (فتنة الرجل في أهله، وماله، وولده، وجاره، تكفِّرها الصلاة والصوم والصدقة والأمر والنهي).
من هذا الحديث نعرف أن الدعوة إلى الله من ضمن أهم أعمال الدنيا والتي تساعد في تكفير الذنوب وزيادة الحسنات ، وذلك بشرط اجتناب الكبائر والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
- عن أبي أمامة الباهلي رضي الله تعالى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرضين، حتى النملة في جحرها، وحتى الحوت؛ ليصلون على معلم الناس الخير).
يوضح لنا الحديث الشريف أن الملائكة تقوم بالاستغفار لكل من علم شئ نافع للناس.
- عن سهل بن سعد رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خيبر: (لأعطينَّ الراية غدًا رجلًا يفتح الله على يديه، قال: فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها، فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يرجو أن يعطاها، فقال صلى الله عليه وسلم: أين علي بن أبي طالب؟، فقالوا: يشتكي من عينيه يا رسول الله، قال: فأرسلوا إليه فأتوني به، فلما جاء بصق في عينيه ودعا له، فبرأ حتى كأن لم يكن به وجعٌ، فأعطاه الراية، فقال: علي: يا رسول الله، أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟ فقال: انفُذ على رِسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادْعُهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه، فوالله لئن يهدي الله بك رجلًا واحدًا خير لك من أن يكون لك حُمر النَّعم).
يجب عدم احتقار شئ من العلم لنفسه وعدم تعليمه للناس وينطبق ذلك على المسلم وغير المسلم في هدايته للطريق المستقيم.[2]
هل البلاغة والفصاحة من شروط الدعوة إلى الله
لا ليست البلاغة والفصاحة والبيان أحد شروط ، واتضح ذلك في قوله تعالى على سيدنا موسى : “وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي” [طه: 27] وعلى الرغم من عدم فصاحته فمان هو خبر أمام لأمته وكان من أفضل الأشخاص المتابعين لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، وكل شخص يمكنه الدعوة إلى الله حتى لو بالقليل كما تعلمه ، ولا تقصي الدعوة فقط على الخطب الدينية بل يمكن تقديمها من خلال نصيحة صغيرة أو دعم اطرق الدعوة وتسهيلها.[3]