لماذا ينزل الله كتبا من عنده على الرسل
- إقامة الحجة على الناس.
- تأييد رسله تعالى وإظهار صدقهم.
- ليكون الكتاب حكمًا بين الناس.
- الحكم بين الناس بالعدل.
- هداية الناس وإرشادهم إلى الطريق الصحيح.
يتساءل بعض المتفكرين في خلق الله، وبعض المشككين في رسالاته : لماذا ينزل الله كتبا من عنده على الرسل؟ إن الله لا يعمل عملًا إلا كان بالغ الحكمة، فسبحانه وتعالى منزه عن العبث والنقص، يقول تعالى : (وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين)، ويقول : (أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون).
اتصلت الحكمة بإنزال الكتب في كتابه العزيز حيث قال تعالى : (وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء إنه علي حكيم)، وقوله تعالى (كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير)، فإنه سبحانه وتعالى أنزل الحكتب لحكمته وفصَّلها وبينهما بحكمته، أنزل الله سبحانه وتعالى الكتب لحكمة، إليك حكمته سبحانه في إنزال الكتب على رسله :
إقامة الحجة على الناس : أنزل الله الكتب حتى لا يكون للناس حجة يحتجون بها يقوم القيامة وعند الحساب، فلا يقولون : (ما جاءنا من بشير ولا نذير)، فقد بعث الله الرسل وأيدهم بالكتب حتى يكون الناس على بينة من أمرهم ولهم الخيار، إما النجاة وإما الهلاك.
يقول تعالى : (رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما)، ويقول ابن قدامة المقدسي معلقًا على قوله تعالى : (نعلم أن الله أقام علينا الحجة بإنزال الكتب وبعثة الرسل)، تهدف جميع الكتب التي أنزلها تعالى على رسله إلى توحيد الله الخالق الواحد الأحد، وتجلت حكمته في الآية الكريمة السابقة حيث أنه لم يترك الخيار لأحد حتى يعتذر عما قدّم من شركٍ وكُفر، فليس هناك أعذار.
تأييد رسله تعالى وإظهار صدقهم : يحتاج الناس دائمًا إلى دليل مادي ملموس، وقد كانت الكتب هي الدليل على رسالة الرسل كما كانت الألواح دليل رسالة موسى عليه السلام إذ يقول تعالى : ( وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلا لكل شيء).
يوضح سبحانه وتعالى تكذيب الناس الرسل بالرغم من تأييدهم بالكتب، يقول تعالى : (فإن كذبوك فقد كذب رسل من قبلك جاءوا بالبينات والزبر والكتاب المنير).
ليكون الكتاب حكمًا بين الناس : أنزل سبحانه وتعالى الكتاب للحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه، فيقول تعالى : (كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه)، فهو يفض النزاع فيما بين الناس، ويفصل بين المختلفين.
الحكم بين الناس بالعدل : أنزل الله الكتاب ليكون مرجعية عادلة بين الناس، يستنبطون منه الأحكام والحقوق والواجبات، فإن الأمور إذا تُركت للناس حكم كل فرد حسب هوى نفسه وفسدت الأرض، يقول تعالى : (لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط)، والقسط : هو العدل في جميع الأمور.
هداية الناس وإرشادهم إلى الطريق الصحيح : أنزل الله الكتب السماوية لتكون منارة الهداية للناس، فإن الرسل سوف يموتون ولكن الكتب لا تفنى،فهي الباقية للحكم بين الناس، لم يترك الله الناس يتيهون بعد موت الرسل والأنبياء بل رسم لهم معالم طريق الحق ليسيروا على نهجه إلى يوم الدين.
يقول صلَّ الله عليه وسلم : (..وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به : كتاب الله)، كما أن عقل الإنسان عاجزًا عن استيعاب الحق كله، فأنزل تعالى كتاب يحيط الحق ويشمله، يقول تعالى : (لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين).[1][2]
حكمة إرسال الرسل
- إقامة الحجة على على الناس
- توجيه الناس لما فيه الخير والصلاح.
- جمع الأمة على دينٍ واحد.
إقامة الحجة على الناس : يقطع الله سبحانه وتعالى بحكمته الحجة على الناس، فلن يكون لأحدٍ حق أن يقول له : (لَوْلا أَرْسَلْتَ إلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آياتكَ مِن قَبْلِ أَن نَّذِلَّ ونَخْزَى).
توجيه الناس لما فيه الخير والصلاح : أرسل الله الرسل حتى يهديَّن بأمره الناس إلى الحق ويبينون لهم طريق الصلاح، قال النبي صلَّ الله عليه وسلم : (مثلي كمثل رجل استوقد ناراً فلما أضاءت ما حولها جعل الفَرَاش (وهي الدواب التي تقع في النار) يقعن فيها وجعل يحجزهن ويغلبنه فيها فأنا آخذ بحجزكم عن النار وأنتم تقتحمون فيها).
جمع الأمة على دينٍ واحد : أرسل الله الرسل وأيدهم بالكتب حتى يجمعوا الناس على التوحيد، وكانت الرسالات بالتدريج لجمعهم في النهاية على دين الإسلام، فكل الرسل يخدمون قضية واحدة ويدعون لدين واحد.
أيد الله الرسل
بالكتاب والمعجزات .
أرسل سبحانه وتعالى الرسل وأيدهم بما يثبت رسالتهم حتى لا يقع الشك بقلوب الناس، قال النبي صلى الله عليه وسلم : (ما من نبي من الأنبياء إلا قد أُعطي من كل الآيات ما آمن على مثله البشر)، فإن آيات الرسل لا يمكن لأحد غيرهم أن يأتِ بها.
اشتهر في عهد موسى عليه السلام السحر والسحرة فكانت معجزته من جنس ما برعوا فيه، ولكنه تفوق عليهم لأن السحر يُهيأ للإنسان أنه يراه بينما ما أتى به موسى هو الحقيقة بعينها، كان موسى يلقي عصاه فإذا هي حية تسعى، ويخرج يده من جيبه فتخرج بيضاء من غير سوء (أي من غير عيب، أو برص).
كذَّب فرعون موسى وقال : (إنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ . يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ) وجعل بينهما موعدًا ليغلبه، فإذا به يجمع السحرة ويلقون بعصيهم وحبالهم، فالتهم حية موسى ما ألقوا، يقول تعالى : (فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ، قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ العَالَمِينَ، رَبِّ مُوسَى وهَرُونَ)، كما كان لعصا موسى مناقب أخرى حيث ضرب الحجر فانفجر منه اثنتا عشرة عينا بعدد قبائل بني إسرائيل، وعند هربه وقومه من فرعون وملأه ضرب البحر فانقسم لاثنتي عشرة طريقا.
يؤيد الله الرسول بمعجزات من عصره، فقد انتشر في عصر عيسى الاهتمام بمجال الطب فكان يشفي بأمر الله أمراضًا ليس لها علاج حيث كان يبرئ الأكمه والأبرص، والأكمه هو الذي خُلق أعمى، ويقول العلماء عنه : (إنه إنما سمي المسيح؛ لأنه كان لا يمسح ذا عاهة إلا برِىء)، وكان يصنع الطير من الطين فينفخ فيه فيصير طيرًا بأمره تعالى.
أيَّد الله تعالى محمد صلَّ الله عليه وسلم رسوله وخاتم الأنبياء والمرسلين بكتابه المعجز، حيث انتشرت البلاغة والفصاحة في عصره، فيقول تعالى : (لا يَأْتِيهِ البَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ ولا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ)، ومن معجزات النبي صلَّ الله عليه وسلم : انشقاق القمر، ونبع الماء من بين أصابعه الشريفة.
تُعرف المعجزة في اصطلاح العلماء : “(أمر خارق للعادة، أي جارٍ على خلاف العادة الكونية التي أجراها الله تعالى في الكون، سالم عن المعارضة، يُظهره الله تعالى على يد الرسول تأييداً له).[3]