تدل وثيقة المدينة على
التسامح هو ماتدل عليه وثيقة المدينة .
تعتبر معاهدات الرسول صلى الله عليه وسلم مع اليهود سواء كانت في المدينة أو خارجها من أهم المعاهدات النبوية وذلك لما انتهت هذه المعاهدات بخيانة اليهود وأيضاً لكثرة احتكاك اليهود بالدولة الإسلامية حيث في المدينة كان اليهود هم من يجاورون المسلمين وهم من كانوا يكنون العداوة للمسلمين ولكن لم يكونوا قد أظهروا ذلك ولذلك قام الرسول صلى الله عليه وسلم بعمل تلك الوثيقة معهم والتي أراد بها الخير والنصح لهم حيث أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد ترك لهم مطلق الحرية في الدين والمال والإفساح لهم بالمشاركة في المعيشة وكانت تلك المعاهدة أول وثيقة تقوم بتوقيعها الدولة الإسلامية مع طائفة أخرى ليست على دين الإسلام والجدير بالذكر أن هذه الوثيقة لم تذكر هل هم يهود بني النضير أم يهود بني قريظة أم يهود بني قينقاع، ومن الأسس العظيمة الواضحة أيضاً في تلك الوثيقة العدل حيث أن العدل من أهم مقومات استقرار الشعوب والمجتمعات فبدون العدل يفقد الضعيف حقه ويكون مغلوباً على أمره.[1]
عدد بنود وثيقة المدينة
عدد بنود وثيقة المدينة 55 بنداً .
- هَذَا كِتَابٌ مِنْ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ مِنْ قُرَيْشٍ وَأَهْلِ يَثْرِبَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ فَلَحِقَ بِهِمْ وَجَاهَدَ مَعَهُمْ ويدل هذا البند على أن أفراد الأمة تربط بينهم العقيدة وليس الدم واحتكام هذه الأمة للشرع وليس العرف وهذا ما يميزهم عن باقي البشر فهذه الروابط تشمل المسلمين وغير شاملة لليهود أو المسيحيين.
- الْمُهَاجِرُونَ مِنْ قُرَيْشٍ عَلَى رِبْعَتِهِمْ يَتَعَاقَلُونَ بَيْنَهُمْ وَهُمْ يَفْدُونَ عَانِيَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَالْقِسْطِ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وهذا البند يوضح أنه لا يوجد فرق بين المهاجرين والأنصار وقام الرسول صلى الله عليه وسلم بحل جميع المشاكل العالقة وذلك من دفع ديات القتلى وفك الآساري وهذه المبادرة الإنسانية العظيمة يمكن بها محو التاريخ الأسود والبدء في صفحة جديدة ناصعة البياض.
- وَإِنَّ الْمُؤْمِنِينَ لَا يَتْرُكُونَ مُفْرَحًا بَيْنَهُمْ أَنْ يُعْطُوهُ بِالْمَعْرُوفِ مِنْ فِدَاءٍ أَوْ عَقْلٍيث نجد الوثيقة قد رسخت مبدأ أخلاقيا عظيماً حتى يمكن من خلاله التعايش المشترك وهو خلق التكافل والمقصود بالمفرح هو المثقل بالديون.
- وَبَنُو جُشَمٍ عَلَى رِبْعَتِهِمْ يَتَعَاقَلُونَ مَعَاقِلَهُمُ الْأُولَى، وَكُلُّ طَائِفَةٍ تَفْدِي عَانِيَهَا بِالْمَعْرُوفِ وَالْقِسْطِ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ حيث أن الدولة الإسلامية الجديدة استطاعت أن تجعل من المدينة التي تحتوي على عدداً كبيراً من اليهود والعرب المختلفين والمتنافرين أمة واحدة بالرغم من اختلاف دياناتهم وأعراقهم وخصائصهم، حيث كانت الوثيقة بمثابة أول دستور مركزي في تاريخ الإنسانية يخضع له الجميع.
- وَإِنَّ يَثْرِبَ حَرَامٌ جَوْفُهَا لِأَهْلِ هَذِهِ الصَّحِيفَةِ حيث أن الوثيقة تؤكد أن العيش المشترك لا يمكن تحقيقه إلا بالدفاع والمحافظة المشتركة على أرض المدينة حيث أنها القاسم المشترك الذي يجتمع عليها تنوعات عرقية وثقافية وعقدية.
- وَإِنَّهُ لَا يَنْحَجِزُ عَلَى ثَأْرِ جُرْحٌ، وَإِنَّه مَنْ فَتَكَ فَبِنَفْسِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ إِلَّا مَنْ ظَلَمَ وَإِنَّ اللهَ عَلَى أَبَرِّ مِنْ هَذَا حيث حذرت الوثيقة من قيام الحروب بين الطرفين لأسباب تافهة وقامت أيضاً بوضع عراقيل وقيود لمنع حدوث ذلك ومنع جميع أسباب التصادم والتي أولها الغدر.
- وَإِنَّه مَنْ اعْتَبَطَ مُؤْمِنًا قَتْلًا عَنْ بَيِّنَةٍ قُوِّدَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَرْضَى وَلِيُّ الْمَقْتُولِ بِالْعَقْلِ، وَإِنَّ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ كَافَّةً، وَلَا يَحِلُّ لَهُمْ إِلَّا قِيَام عَلَيْهِ وهو بند يتعلق بالفساد والقتل والغدر لأتفه الأسباب فإن البند يوضح أن حق الثأر مرتبط بالقتل فقط أما غير ذلك من جروح فإن لا يستحق سفك الدماء وإهلاك النسل حيث أن دماء الإنسان أغلى من أن تهدر ظلماً.
- وإنَّه لَا يُجِيرُ مُشْرِكٌ مَالًا لِقُرَيْشٍ وَلَا نَفْسًا، وَلَا يَحُولُ دُونَهُ عَلَى مُؤْمِنٍ ويوضح هذا البند العدو المشترك والذي يتمثل في قريش حيث أنها كانت الفئة التي تريد الشر واستئصال قيم العدل والخير.[2]
وثيقة المدينة وأثر تطبيقها على المجتمع
- العدل أحد مقومات استقرار المجتمعات والشعوب.
- اهتمام الإسلام بحقوق غير المسلمين.
- التعاون من أجل الحفاظ على الوطن.
- حرية التعبير عن الرأي في ظل القانون.
العدل أحد مقومات استقرار المجتمعات والشعوب : حيث توضح الوثيقة أن بدون العدل يفقد الضعيف حقوقه ويكون مغلوباً على أمره بينما يأخذ القوي حقوق الأخرين فهذا هو التشريع الإسلامي الذي يحافظ لكل إنسان على حقوقه دون النظر إلى أفكاره أو إلى دينه وهذه هي الإنسانية فلقد احتوت الوثيقة على كلمة مظلوم دون أن توضح إذا كان مسلماً أو يهوداً ونرى أيضاً أن في الجاهلية كانت النصرة تكون للقريب سواء كان ظالماً أو مظلوماً وذلك بدافع القبلية حتى جاء الإسلام وقرر بنصرة المظلوم ونصرة الظالم أيضاً بمنعه من ممارسة الظلم والأخذ بيديه.
اهتمام الإسلام بحقوق غير المسلمين : حيث أن هذا هذا ركن من أركان الفقه الإسلامي لا يفعله المسلم مهزوم أو مضطر، ولقد اهتم الاسلام بهذه الحقوق منذ بداية نشأة الدولة الإسلامية حيث كان غير المسلمون أقليات في المجتمع الإسلامي.
التعاون من أجل الحفاظ على الوطن : حيث أن الوثيقة أوضحت أن كل طرف له أن يقدم النصيحة للطرف الآخر وعلى الطرف الآخر قبولها وتؤكد على التعامل بينهم يكون بإحسان ولنشر الخير.
حرية التعبير عن الرأي في ظل القانون : حيث أوضحت الوثيقة أن اليهود لهم حريتهم الثقافية وحقهم الكامل في التعبير عن رأيهم في ظل القانون والدستور، وتوضح أيضاً حرية العقيدة في الدين الإسلامي حيث أن اليهود دينهم وللمسلمين دينهم.[2]
اهمية وثيقة المدينة
- تجنب العنصرية والطبقية التي تقوم على أساس الدعاوي الدينية.
- توضيح القيم الأخلاقية الاجتماعية.
- توضيح أن الذمة المالية لليهود مستقلة عن الذمة المالية للمسلمين.
- توضيح التعاون بين اليهود والمسلمين في حالة الحرب على المدينة.
تجنب العنصرية والطبقية التي تقوم على أساس الدعاوي الدينية : حيث أوضحت الوثيقة أن سكان المدينة المنورة لهم نفس الحقوق ولهم حق الجيرة ونصرة الوطن وجميع المواطنون أمام القانون سواء وهي تدعو إلى احترام أديان غير المسلم وأن اختلاف الدين لا ينفي وطنيتهم فلا بد من المساواة بين أفراد المجتمع والمرجعية العليا تكون للقانون والدولة وهذه سمات العدالة الاجتماعية.
توضيح القيم الأخلاقية الاجتماعية : شملت الوثيقة على العديد من القيم الأخلاقية الاجتماعية التي خلدها التاريخ وأصبحت مناهج يتم تدريسها في المعاهد العلمية ولكن في الواقع نجد أن الحكومات العربية والإسلامية تفتقر لتلك القيم في وقتنا الحالي فنجد قمع لحق الشعب في التظاهر في كثير من الدول العربية.
توضيح أن الذمة المالية لليهود مستقلة عن الذمة المالية للمسلمين : حيث أوضحت الوثيقة على أن للمسلمين نفقتهم ولليهود نفقتهم فعلى الرغم من أن الرئاسة للدولة الإسلامية إلا أن لليهود حق التملك داخل الدولة الإسلامية ما داموا على العهد مع المسلمين.