من المدن التي فتحها المسلمون في بلاد السند
من المدن التي فتحها المسلمون في بلاد السند مدينة شيراز . ومدينة مكران . ومدينة الديبل .
بدأ محمد بن القاسم مسيرته لفتح الهند من مدينة شيراز، حيث حشد جنده من شيراز وسار بهم إلى مكران وأقام بها عدة أيام، واتخدها نقطة انطلاق لفتوحات السند من بعد ذلك، ففتح مدينة قنزابور، ومن بعدها أرمائيل، وأرسل الأسلحة والطعام وكل شئ في سفن من أرمائيل إلى مدينة الديبل، وفتح عليها المنجنيق ودام القتال لثلاثة أيام حتى فتحها، وقام بهدم (البد الكبير)، وكل بد وجده في المدينة، والبد هو تمثال أو معبود بوذا، أزال محمد بن القاسم من الديبل كل آثار العبودية وحوَّلها لمدينة إسلامية وبنى بها المساجد، وأسكن بها أربعة آلاف مسلم (تقع الدبيل حاليًا في باكستان).
فُتحت مدينة الديبل مما كان له بالغ الأثر على أهل السند الذين سارعوا لعقد الصلح مع محمد بن القاسم، وقد وافق الفاتح وكان رفيقًا بهم، فسار إلى مدينة البيرون وصالح أهلها، ويُطلق عليها الآن (جيدار أباد السند)، وما مر بمدينةٍ بعد ذلك إلا فتحها صلحًا أو غصبًا، وعند بلوغه نهر مهران عبره ليقابل ملك السند ويدخل معه في معركة ضارية، قُـل الملك وعلى إثر ذلك استلمت باقي بلاد السند، وأصبحت بلاد السند بلادًا إسلامية، واستكمل محمد بن القاسم فتوحاته واجتاز نهر بياس، ودخل مدينة البلتان في إقليم البنجاب، وكان معه خمسون ألفًا من الجنود والفرسان عشرهم من الجيش الأصلي وباقي الجيش من المسلمين الجدد الذين انضموا لجيوش الفتوحات بعد المعارك السابقة في بلاد السند، وبعد معارك عنيفة فُتحت الملتان وقُضي على كل ما بها من تماثيل ومعابد بوذية، وحصل الجيش الفاتح على الكثير من الغنائم الذهبية، حيث كانت مدينة الملتان تسمى ببيت أو ثغر الذهب.
اتبع الفاتح محمد بن القاسم في كل المدن التي قام بفتحها نظامًا واحدًا، وضع نظم مالية وإدراية وعسكرية، ووقام بتعيين الحكام، وترك جيشًا لكل مدينة، أخذ عهدًا على أعيان كل مدينة أن يحافظوا على استقرار البلد، وبينما هو في خضم فتح الملتان جائه خير وفاة الحجاج، وتأثر نفسيًا لموتهل لكونه عمه وصهره، ولكنه لم يمنعه حزنه من استكمال فتوحاته، فبعد فتحه لبلاد السند جميعًا، تعهَّد له قبائل (الزط، والميد) بالطاعة، والعمل على تأمين الطرق البحرية والبرية، مع العلم أنهم قبائل مشهورة بقطع الطرق، وانتهت رحلته الحربية بإخضاع إقليم الكيرج وهزيمة ملكه دوهر ومقتله، ودخل أهل المدن جميعًا في طاعة المسلمين.
في عهد اي خليفة فتحت بلاد السند
فتحت بلاد السند في عهد الخلفاء الراشدين، وفي عهد الوليد بن عبدالملك بدأ الفتح المنظم لبلاد السند.
قام المسلمون بسلسلة من الغزوات والحملات الاستكشافية لجمع المعلومات عن البلاد التي يريدون فتحها، ولمعرفة طبيعتها، وقد بدأت هذه الغزوات في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ثم في خلافة عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب، ومعاوية بن سفيان رضي الله عنهم جميعًا، وقد حقق المسلمون الكثير من الانتصارات، واستحوذوا على الكثير من الغنائم، وفي عهد الوليد بن عبدالملك بدأ الفتح المنظم لبلاد السند (86، 96هـ).
القائد الذي قاد جيش المسلمين لفتح بلاد السند حتى وصل مدينة الديبل
القائد الذي قاد جيش المسلمين لفتح بلاد السند حتى وصل مدينة الديبل هو محمد بن القاسم الثقفي.
استقر الحجاج بن يوسف الثقفي في جنوبي بلاد فارس، واستقر المسلمون معه بعد أن تم القضاء على ملك سجستان المتمرد (رتبيل) وإخضاع بلاده للحكم الإسلامي، فقرر الحجاج أن يُرسل محمد بن القاسم الثقفي ابن أخيه وصهره إلى السند ليفتح مدنها ويحولها إلى بلاد إسلامية بعد أن أرسل عدة ولاة للغزو وقُتلوا واحدًا تلو الآخر، وقد كان محمد بن القاسم واليًا على فارس وهو في السابعة والعشرين من عمره، وأمده الحجاج لمهمته بنحو عشرين ألف جندي كما قال بعض المؤرخين، وأنفق الحجاج على تجهيز الجيش وإمداده بالأدوات الحربية ستين مليون درهم.
كان محمد بن القاسم مقبلًا على فتح إمارة كنوج (أعظم إمارات الهند) حيث أنها تمتد من السند إلى البنغال، وقد أذي الحجاج له بذلك، ولكن قبل أن يُتم ذلك مات الحجاج ومن بعده بستة أشهر مات الخليفة الوليد بن عبدالملك، وتولى سليمان بن عبدالملك الخلافة من بعد موت أخوه الوليد، وقد كان سليمان حاقدًا على الحجاج الذي كان يريد أن ينقل الوليد الخلاف لابنه عبدالعزيز من بعده بدلًا من أخوه، وأدى هذا الحقد الدفين به أن يقوم بعزل محمد بن القاسم فاتح السند ويأمر بأن يحضروه لدمشق مكبلًا وأمر بتعذيبه حتى الموت، ومات الفاتح العظيم الذي سعى طوال حياته لإعلاء راية الإسلام بيد الغدر، ونتيجةً للأهواء الشخصية والحقد.
يقول الدكتور عبد الله جمال الدين معلقًا على مقتل الفاتح محمد بن القاسم رحمه الله : (وإن المرء ليعجب كيف تنتهي حياة ذلك الشاب بهذه الصورة المريرة، وهو الذي فتح كل بلاد السند، ونشر الإسلام في كافة أرجائها في فترة قياسية لم تتجاوز السنوات الثلاث، كيف يواجه محمد بن القاسم هذا المصير المؤلم ويجزى ذلك الجزاء المهين؟ لقد تضاءلت أمام أعماله الحربية والسياسية عظمة الإسكندر المقدوني وشهرته، إذ بينما عجز الإسكندر قبل ألف عام عن الاستيلاء على قسم ضئيل من الهند كان سكانه أقل من ربع السكان زمن ابن القاسم استطاع هذا الفتى أن يخضعها ويلحقها بالدولة الإسلامية من غير كبير عناء)، وقال المؤرخ الإنجليزي عن بن القاسم : (لو أراد ابن القاسم أن يستمر بفتوحاته حتى الصين لما عاقه عائق، ولم يتجاوز أحد من الغزاة فتوحاته إلى أيام الغرنويين، لقد كان واحدًا من عظماء الرجال في كل العصور).
مصير بلاد السند بعد وفاة الفاتح محمد بن القاسم
توقفت الفتوحات الإسلامية في بلاد السند بعد أن غادر بن القاسم البلاد، وساءت الأحوال السياسية في عاصمة الخلافة دمشق مما أثر على استقرار شبه القارة الهندية، وانطلقت الثورات، وانتشرت الفتن في بعض المناطق الخاضعة للحكم الإسلامي، ونتيجةً للاضطرابات الداخلية في دولة الإسلام بدأ بعض أمراء وملوك السند الفارين إلى كشمير في محاولة العودة إلى البلاد، وبالفعل نجح بعضهم في استعادة نفوذه داخل البلاد.
تولى الخليفة عمر بن عبد العزيز الخلافة في عام (99، 101 هـ) مما جعل الأمور تتحسن، حيث أنه كتب إلى ملود السند يدعوهم للدخول تحت طاعة الإسلام، فخضعت بلاد السند جميعها وأسلم أهلها وعلى رأسهم ملوكها وغيروا أسمائهم للأسماء العربية الأصيلة، وأصبحت بشكلٍ رسمي بلاد السند بلادًا إسلامية، وقد عادت الاضطرابات في آخر عهد بني أمية، حتى مجئ الخليفة العباسي أبي جعفر المنصور عام (136، 157 هـ)، فانتظمت الأحوال من جديد وقُتحت كشمير وانضمت للدولة الإسلامية، ولم يكن هذا الفتح الإسلامي لبلاد السند فتحًا عسكريًا فقط، ولكن كان فتحًا ثقافيًا، حيث انتقلت العشائر العربية للعيش هناك ونقلت معها الثقافة العربية والإسلامية، مما ساعد على نشر الإسلام بطرقٍ سلمية.[1][2][3]