قصة قصيرة بعنوان (( الإخلاص في العَمل الجاد يؤتي بثماره )) C7752b3dfd95b5b84886d0f77341ec75eb54ba62_hq

ِ
في هذا العالم الواسعِ والمختلف يتواجد الناس في تلك المدن والقرى المختلفة بحضارتها وتقاليدها العريقه والقديمه والتي تقيد تصرفات تلك القبائل.. وفي مكان ما من العالم تتواجد قرية مميزه .. قرية أهلها يمتلكون الموهبة منذ الولادة تلك الموهبة والتي تميزت بها تلك القرية هي موهبة الرسم .

فالأطفال فيها يستطيعون الرسم منذ الصغر .. فمجرد ما يمسك الطفل القلم في يديه كان قادراً على الرسم وبإحترافية ولكن …. لكن كما يقال دائماً فأن لكل قاعدة إستثناء .. ذلك الإستثناء كان لطفلة جميلة ذات شعر بني ينسدل عدد من خصلاته على وجهها ومع رفعها لها دائماً فقد كانت الرياح تحب مداعبة تلك الخصلات لتعيدها مجدداً على وجهها , تلك الطفلة التي ولدت لترسم البسمة والسعادة على قلب والديها , تلك الطفلة التي ولدت من دون الموهبة التي تفاخرت القرية بها من القدم تلك الطفلة هي تدعى ( ريكو ) .
قصة قصيرة بعنوان (( الإخلاص في العَمل الجاد يؤتي بثماره )) Cf65480e0d4ada469a665118e246a0b3010c16c4_hq

ولدت ريكو في عائلة لم ترزق بالأطفال منذ عشر سنوات , لذا كانت ولادتها كشعاع شمس الصباح الذي يلوح في الأفق ويمر بخيوطه الذهبية على الأرض ليطرد الظلمة التي سيطرت عليها وقت الليل , تلك الطفلة كانت كالشعاع لوالديها الذي طرد ظلام الحزن الأسى .

في سن الرابعة من عمر ريكو أكتشف أهلها أنها لم تكن قادرة على الرسم كانت لا تستطيع رسم أي شيء .. غيمة الحزن خيمت على عائلتها , فبعد أن أعتقد والداها إنها ستحمل تلك الموهبة التي تتوارثها القرية من جيل الى جيل , لم يعدْ باستطاعته أن يجعلها تنقل تلك الموهبة لأنها هي نفسها لم تكن تملكها , ولكن رغم ذلك فوالدها لم يستسلمْ وكان يعرف أن ريكو فتاة مميزه وسوف تتمكن من الرسم ومن دون الموهبة التي تميز القرية وتتفاخر بها .

أنتشر أسم ريكو بين أفراد القرية بأنها شخص لا يجيد ولا يملك موهبة الرسم فأفراد القرية بأكملهم كانوا يمارسون الرسم كمهنة وكانت تدر عليهم الأرباح , ولكن ريكو لم تكنْ قادرةٍ على ذلك وهذا جعل القرية بأكملها يطلق عليها لقب وهو
– ريكو عديمة الموهبة -

شعرت ريكو بالحزن و تسألتْ كثيراً وكثيراً لما هي من دون موهبة , لما هي ولدت ولا تمتلك أي موهبة بالرسم رغم انها تحب ذلك وكانت تتمنى ان ترسم لتجعل والديها فخورين بها , ولكن لما لا تمتلك موهبة الرسم , لما هي من دون كل أهل قريتها , تلك الأسئلة الكثيرة كانت تدور في عقل بطلتنا الرائعة , ولكن في الوقت نفسه ريكو كانت تؤمن بأن العمل الجاد والإخلاص فيه سيحقق ما تريده , كانت دائماً تقول :

ريكو : العقبة الوحيدة بيني وبين تحقيق حلمي هي الرغبة في المحاولة والإيمان بإمكانية تحقيقه , لذا سوف أتدرب وأتدرب ولنْ أستلم أبداً وسوف أصبح رسامه من خلال المثابرة على الرسم وعدم اليأس والإستسلام للحزن وتحدي أهل القرية وتحمل اهاناتهم لي سوف أثبت لهم أنني قادرة على ذلك , أنني قادرة على تحقيق حلمي , أنني قادرة إن أكونْ الرسامه الأفضل بينهم بالعمل الجاد والمثابرة والجهد ولا أحتاج للموهبة التي يتفاخرون بها .
قصة قصيرة بعنوان (( الإخلاص في العَمل الجاد يؤتي بثماره )) 8a71bf14fbff48f9325997a8bf49fe3cb069ebf9_hq

أحد القرويين : أنظروا أنها ريكو عديمة الموهبة
أحد القرويين : أنها عار على قريتنا
أحد القرويين : من الأفضل أن نطردها من القرية
أحد القرويين : ريكو من الأفضل أن تستلمِ عن المحاولة لأنك لن تصبحِ رسامة أبداً .
تجاهلت ريكو كل ذلك الكلام وبدأت بالرسم والتعرف على أساسيات الرسم المختلفة , ولم تستسلم لهم وقررت المضي لتحقيق حلمها مهما كانت الصعوبات مهما كانت التحديات سوف تتجاوزها وسوف تحقق ما تريد وسوف تكون الرسامه الأفضل .

هكذا قضت ريكو سنوات طوال في تعلم الرسم حتى سن الخامسة عشر ولكن من دون فائدة فكل جهودها لم تثمر منذ سن الرابعة وحتى سن الخامسة عشر لم تثمر جهودها , لم تستطع رسم شيء , لم تتمكنْ من الرسم بطريقه أحترافيه كما كانت تريد , وقتها سيطر الحزن على ريكو وبدأت أسئلة تدور في عقلها .......

ريكو : " هل حقاً الرسم موهبة ؟ , هل حقاً لا يمكنني أن أكون رسامه مهما حاولت ؟ هل يجب أن أستسلم ؟ هل كان القرويين محقين بشأني ؟ هل أنتهى حلمي قبل أن يبدأ ؟ "
كل هذه الأسئلة كانت تدور في عقلها … وبينما هي على هذه الحالة في التفكير جاء لها والدها
والد ريكو : هل استلمتِ ؟
ريكو : أبي !
والد ريكو : ما الأمر ؟
ريكو : لا فائدة لا أعتقد أنني سأحقق حلمي بأن أصبح رسامة محترفه مثلك ومثل أمي ومثل جميع القروين هنا , يبدو أنه فعلاً الموهبه هي من تقرر ان كنت رسام أم لا
والد ريكو : هل استسلمتِ الآن بعد كل هذه السنوات !
ريكو ( بنظرات تأمل لوالدها مصحوبه بالحزن ) : أبي أنا لا أعرف ماذا أفعل , ساعدني أرجوك
قصة قصيرة بعنوان (( الإخلاص في العَمل الجاد يؤتي بثماره )) 54ca0bd292eaa0e0c9bed89ed7b9a5596a8924c1_hq

والد ريكو ( يبتسم أبتسامه خفيفه ولطيفه ) : من الصعب هزيمة شخص لم يهزمه اليأس من داخلهِ , لذا لا تستسلمِ وأنتِ تحاولين التسلق الى هدف تصوبين اليه , فالشخص ذو الأحلام الكبيرة أقوى من أي شخص كان . كل حلم وله ضريبه بالتأكيد ومؤكد أن حلمك لا يختلف عن بقيه الأحلام .

لم يقلْ والدها سوى تلك الكلمات وقد فهمت ريكو ماذا يقصد والدها من وراء تلك الأسطر القليلة التي قالها لها , لذا نهضت وقررت أن تحقق حلمها ولنْ تجعل اليأس يتغلغل الى داخلها مرة أخرى , لن تسمح لهُ أن يسيطر عليها ويرسم طريقها بالظلام فقط , بل قررت ان تشتعل شمعه الأمل لتضيء لها الطريق المظلم لكي تصل الى نهاية ذلك الطريق , فمهما كان الظلام قوياً لابد أن يأتي شعاع الشمس , شعاع الأمل والتفائل لكي يطرد ذلك الظلام بعيداً ويفتح الأفاق نحو الحلم وتحقيقه .. أمسكت قلمها وورقتها وقبل أن تبدأ الرسم حدقت نحو السماء بوجه يملئهُ الأمل والتفاؤل , نظرت الى السماء والطيور التي تحلق فيها والغيوم التي تسير ببطء مع هبوب الرياح , كانت تدرك أن لكل شيء معنى ولابد أن يكون هنالك حكمه من وجوده في هذا الكون الواسع , وأن ولادتها من دون تلك الموهبة والتي يتفاخر بها أهل قريتها حتماً لهُ غاية ومعنى , لذا قررت أنها مهما حدث ومهما كانت النتيجة سوف تصبح رسامة ولن تستلمْ , وبتلك العزيمة والإصرار والثقة بالنفس بدأت الرسم مجدداً , وكلها تفائل بأنها سوف تنجح هذه المرة بالتأكيد .

مضى الوقت سريعاً بالنسبة لريكو وبلغت سن السابعة عشر وأخيراً ولأول مرة في حياتها تمكنت من رسم وجه لفتاة , نظرات وعلامات التعجب والتساؤل كان على وجه ريكو !
ريكو : " هل أنا من رسم هذا ؟ هل حقاً رسمت فتاة ملامحها رائعة ؟ هل حققت حلمي ؟ هل اتقنت الرسم ؟ هل ..هل ..هل "
أسئلة كثيرة ولم يكنْ هنالك سوى جواب واحد فقط لكل تلك الأسئلة
( نعم لقد حققت المستحيل )
قصة قصيرة بعنوان (( الإخلاص في العَمل الجاد يؤتي بثماره )) E5d524b82b6f011a961f5f78c3b12efde55a95dd_hq

شعرت ريكو بالسعادة وهي تنظر لأول شخصية ترسمها , كانت لا تزالْ لم تصدقْ أنهُ وبعد كل تلك السنوات أثمرت جهودها أخيراً , أرادت التأكد مجدداً لذا قامت برسم فتى الى جانب فتاة وقد أتقنت رسمه وكانتْ ملامحه واضحة ويظهر أن من رسمهُ هو شخص مبدع ومحترف بالرسم , بل يبدو كأن ذك الرسم حقيقه وأنها قد تفوقت على الموهبه التي تفاخرت بها تلك القبيله .

شعرت وهي تحدق لأول رسمه لها كما لو أن ما رسمتهُ يتحدث معها ويقول لها :
( يمكنكِ أن تحصلِ على كل ما تريدينه .. هذا .. إذا صممتِ على الحصول عليه تصميماً كافياً .. لابد وأن يمتلئ قلبكِ بالرغبة في ذلك .. وأن تتغلغل هذه الرغبة في جسدكِ .. وبالتالي .. ترتبط هذه الرغبة العارمة .. وبالتالي سوف تهزمين المستحيل )

الفرحة غامرة وجه ريكو وكل من يمر من أمامها يستغرب من الفرحة التي على وجهها , فالثقة بالنفس , الإرادة , الصبر , احترام العمل مهما بدأ , العمل الجاد والإخلاص فيه , كل هذا حقق لها المستحيل , كل هذا حقق لها حلمها … أخيراً أثمرت تلك الجهود , ليس بالضرورة أن نملك الموهبة , فنحن قادرين على صنع المستحيل إن وثقنا بأنفسنا وبقدراتنا وبإرادتنا لتحقيق ذلك .

( الوسيلة الوحيدة لإنجاز العمل بطريقة جيدة هو أن تعشق عملك .. وإذا كنت عاجزاً عن العثور على عمل كهذا واصل البحث .. لا تتنازلْ تماماً مثلما تبحث عن الحب , وأعلم أنك ستحصل عليه دون أدنى شك , وثق أنك إن احببته وعملت بإخلاص فيه سوف تحقق المستحيل وستثمر جهودك بالنجاح في النهاية )

النهاية
أرجو أن تكون قصتي القصيرة قد نالت أعجابكم ^.^
قصة قصيرة بعنوان (( الإخلاص في العَمل الجاد يؤتي بثماره )) 1852fae778ad86c6a9823ea204b1bf9ae8cbe517_hq