اشتهر العرب قديماً بالذكاء الخارق و بلاغة القول و شدّة الحكمة، و بقيت حكمتهم و أقوالهم البليغة حتى يومنا هذا، حيث توارثناها و حفظناها من الزوال، و لكن يبقى الأهم و هو أن نعمل بحكمتهم لا لنحفظها بألسنتنا بل نحولها لأفعال تعمل بها جوارحنا.
يحكى أنّه في قديم الزمان، خرج في أحد الأيام أحد الولاة متنكراً في زي تاجر ليتقصى عن أحوال البلاد، و أثناء تجوّله في السوق، وقع بصره على دكان قديم، لا يوحي بوجود بضاعة للشراء.
فاستغرب من حال الدكان، و دخله و إذا برجل طاعن في السن يجلس على كرسي قديم و الغبار يحيط به من كلّ جانب، و بجواره ثلاث لوحات. فحيّاه الوالي فردّ عليه بهدوء و ثقة.
فقال الوالي: جئت السوق باحثاً عن بضاعة، و لكن يبدو أنّ ليس لديك ما يباع هنا؟
فأجاب الشيخ برزانة: إنني أبيع أثمن الأشياء التي لن تجدها لو بحثت بكلّ السوق. تعجب الوالي من ثقته التي يتحدث بها، لقد كانت ثقة مطلقة للغاية، و بادر بسؤال الشيخ: و ماذا تبيع يا رجل؟
فأجابه: أنا أبيع الحكمة، و قد بعت منها الكثير الكثير، و عادت على مَنْ اشتروها بالخير الوفير، و لم يبقَ منها سوى ثلاث لوحات.
أمسك الوالي بإحدى اللوحات، و مسح عنها الغبار، فوجد مكتوباً عليها: "فكّر قبل أن تفعل".
نظر الوالي إلى العبارة بتمعن، ثمّ سأل الشيخ: بكم تبيعني هذه اللوحة؟ فأجابه: أبيعك إيّاها بعشرة آلاف دينار فقط.
ضحك الوالي طويلاً مستغرباً و هو يردد فقط! في حين كان الشيخ هادئاً ينظر إلى اللوحة نظرة تقدير. ثمّ بادره الوالي سائلاً، هل أنت جاد في كلامك يا هذا؟ فقال الشيخ: نعم، جاد و لا أقبل بثمن أقل. و ظل الوالي يفاوضه إلى أن وصل المبلغ لتسعة آلاف دينار، و لكن الشيخ أصر على رأيه أيضاً.
مضى الوالي في طريقه و ظن أنّ الشيخ سيتراجع عن قراره و يقبل بالمبلغ الذي عرضه، و لكن الشيخ لم يكترث له. و تابع الوالي سيره و أخذ يتجول في السوق، و فجأة راودته سيئة و قبل أن يهم بفعلها تذكّر حكمة الرجل "فكّر قبل أن تعمل"، فتراجع عن فكرته تلك، فوجد استحساناً في قلبه و رضاً لموقفه هذا، فأدرك قيمة الحكمة و وجد أنّه قد انتفع بها فعلاً.
و على الفور عاد إلى الشيخ يريد شراء اللوحة بعشرة آلاف دينار، و لكنّ الشيخ قبل أن يوافق اشترط عليه شرطاً في غاية الأهمية، و هو أن يكتب هذه الحكمة بأكثر من موضع بمنزله، فوعده الوالي بذلك، و لم يكن حينها أحد يعلم بحقيقة هويته و أنه الوالي على البلاد. و أول ما رجع الوالي لقصره استدعى نقاشه ليكتب له الحكمة بأكثر من موضع.
و ذات يوم تحالف حلاق الوالي مع قائد حراسه على قتل الوالي بعدما أغراه قائد الحراس بكلّ ما يمكن لأحد أن يغرى به.
و بالفعل أعدّ الحلاق العدّة و ما أن وصل لقصر الوالي، حتى وجد عبارة "فكر قبل أن تفعل" منقوشة على جدران القصر، فاضطرب قليلاً إلا أنّه بقي مصراً على نيته السوداء تجاه الوالي، و عندما دخل وجد نفس الجملة مكتوبة على البساط، و من بعدها وجدها أيضاً مكتوبة على ملابس الوالي، فحاول إبعاد نظره عنها و لكنّه ما إن نظر بعينيه بعيداً على الحائط المواجه و كان على وشك أذية الوالي وجد اللوحة الأصلية بوجهه، انهار من البكاء و اعترف بكل شيء، فعاقب الوالي قائد حراسه و أتباعه و عاقبهم على خيانتهم، و عفا عن الحلاق.
و عندما سأله الوالي عن سبب رجوعه على آخر اللحظات من فعل ما كان ينوي عليه، أجابه قائلاً: عبارة "فكر قبل أن تفعل" يا مولاي، لقد رأيتها بكلّ مكان و مهما حاولت تجنب رؤيتها إلا أنني أراها".
عندها قرر الوالي أن يذهب إلى السوق ثانية، ليشكر الشيخ و ليشتري حكمة جيدة، و لكنّه وجد المحل مغلقاً، و عندما سأل عن صاحبه وجده قد توفي.
يحكى أنّه في قديم الزمان، خرج في أحد الأيام أحد الولاة متنكراً في زي تاجر ليتقصى عن أحوال البلاد، و أثناء تجوّله في السوق، وقع بصره على دكان قديم، لا يوحي بوجود بضاعة للشراء.
فاستغرب من حال الدكان، و دخله و إذا برجل طاعن في السن يجلس على كرسي قديم و الغبار يحيط به من كلّ جانب، و بجواره ثلاث لوحات. فحيّاه الوالي فردّ عليه بهدوء و ثقة.
فقال الوالي: جئت السوق باحثاً عن بضاعة، و لكن يبدو أنّ ليس لديك ما يباع هنا؟
فأجاب الشيخ برزانة: إنني أبيع أثمن الأشياء التي لن تجدها لو بحثت بكلّ السوق. تعجب الوالي من ثقته التي يتحدث بها، لقد كانت ثقة مطلقة للغاية، و بادر بسؤال الشيخ: و ماذا تبيع يا رجل؟
فأجابه: أنا أبيع الحكمة، و قد بعت منها الكثير الكثير، و عادت على مَنْ اشتروها بالخير الوفير، و لم يبقَ منها سوى ثلاث لوحات.
أمسك الوالي بإحدى اللوحات، و مسح عنها الغبار، فوجد مكتوباً عليها: "فكّر قبل أن تفعل".
نظر الوالي إلى العبارة بتمعن، ثمّ سأل الشيخ: بكم تبيعني هذه اللوحة؟ فأجابه: أبيعك إيّاها بعشرة آلاف دينار فقط.
ضحك الوالي طويلاً مستغرباً و هو يردد فقط! في حين كان الشيخ هادئاً ينظر إلى اللوحة نظرة تقدير. ثمّ بادره الوالي سائلاً، هل أنت جاد في كلامك يا هذا؟ فقال الشيخ: نعم، جاد و لا أقبل بثمن أقل. و ظل الوالي يفاوضه إلى أن وصل المبلغ لتسعة آلاف دينار، و لكن الشيخ أصر على رأيه أيضاً.
مضى الوالي في طريقه و ظن أنّ الشيخ سيتراجع عن قراره و يقبل بالمبلغ الذي عرضه، و لكن الشيخ لم يكترث له. و تابع الوالي سيره و أخذ يتجول في السوق، و فجأة راودته سيئة و قبل أن يهم بفعلها تذكّر حكمة الرجل "فكّر قبل أن تعمل"، فتراجع عن فكرته تلك، فوجد استحساناً في قلبه و رضاً لموقفه هذا، فأدرك قيمة الحكمة و وجد أنّه قد انتفع بها فعلاً.
و على الفور عاد إلى الشيخ يريد شراء اللوحة بعشرة آلاف دينار، و لكنّ الشيخ قبل أن يوافق اشترط عليه شرطاً في غاية الأهمية، و هو أن يكتب هذه الحكمة بأكثر من موضع بمنزله، فوعده الوالي بذلك، و لم يكن حينها أحد يعلم بحقيقة هويته و أنه الوالي على البلاد. و أول ما رجع الوالي لقصره استدعى نقاشه ليكتب له الحكمة بأكثر من موضع.
و ذات يوم تحالف حلاق الوالي مع قائد حراسه على قتل الوالي بعدما أغراه قائد الحراس بكلّ ما يمكن لأحد أن يغرى به.
و بالفعل أعدّ الحلاق العدّة و ما أن وصل لقصر الوالي، حتى وجد عبارة "فكر قبل أن تفعل" منقوشة على جدران القصر، فاضطرب قليلاً إلا أنّه بقي مصراً على نيته السوداء تجاه الوالي، و عندما دخل وجد نفس الجملة مكتوبة على البساط، و من بعدها وجدها أيضاً مكتوبة على ملابس الوالي، فحاول إبعاد نظره عنها و لكنّه ما إن نظر بعينيه بعيداً على الحائط المواجه و كان على وشك أذية الوالي وجد اللوحة الأصلية بوجهه، انهار من البكاء و اعترف بكل شيء، فعاقب الوالي قائد حراسه و أتباعه و عاقبهم على خيانتهم، و عفا عن الحلاق.
و عندما سأله الوالي عن سبب رجوعه على آخر اللحظات من فعل ما كان ينوي عليه، أجابه قائلاً: عبارة "فكر قبل أن تفعل" يا مولاي، لقد رأيتها بكلّ مكان و مهما حاولت تجنب رؤيتها إلا أنني أراها".
عندها قرر الوالي أن يذهب إلى السوق ثانية، ليشكر الشيخ و ليشتري حكمة جيدة، و لكنّه وجد المحل مغلقاً، و عندما سأل عن صاحبه وجده قد توفي.