حكم محبة النبي صلى الله عليه وسلم
فرض عين على كل مسلم ومسلمة .
يجب على مسلم أن يكون رسول الله صلَّ الله عليه وسلم أحب إليه من ولده ووالده وماله والناس أجمعين، فمحبته صلَّ الله عليه وسلم فرض عين على مسلم، والفرض العين معناه أنه يعيَّن على كل فرد مسلم أن يفعله ولا يسقط الذنب على الجميع إن فعله بعضهم، كما أن محبتك لرسول الله صلَّ الله عليه وسلم هي شرط من شروط الإيمان، روي في الصحيحين عن النبي صلَّ الله عليك وسلم أنه قال : (لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ)، وقال سبحانه وتعالى : (قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ)، فلا إيمان لمن لم يحب رسول الله صلَّ الله عليه وسلم، والإيمان مرتبة أعلى من مرتبة الإسلام، فمن زال عنه الإيمان انخفض إلى مرتبة الإسلام ولم يخرج عن الدين.
اقرأ سيرة رسولنا الكريم صلَّ الله عليه وسلم ولن تنفك تحبه أكثر من نفسك ومالك وولدك، فقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يحبونه حبًا جمًا ويفدونه بأنفسهم وأموالهم وأهليهم، روى البخاري عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ هِشَامٍ قَالَ : (كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا مِنْ نَفْسِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لاَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: فَإِنَّهُ الآنَ، وَاللَّهِ لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الآنَ يَا عُمَرُ)، وهندٍ امرأةِ أبي سفيان حين قالتْ للنبيِّ ِ صلَّ الله عليه وسلم : (لَقَدْ كَانَ وَجْهُكَ أَبْغَضَ الْوُجُوهِ كُلِّهَا إِلَيَّ، فَقَدْ أَصْبَحَ وَجْهُكَ أَحَبَّ الْوُجُوهِ كُلِّهَا إِلَيَّ).[1][2]
قصص عن محبة النبي صلى الله عليه وسم
كان الصحابة رضوان الله عليهم يخافون فراقه في الدنيا والآخرة، فقد أخرج الطبراني عن عائشة رضى الله عنها قالت : (جاء رجل إلى النبي صلَّ الله عليه وسلم فقال : (يا رسول الله إنك لأحب إليَّ من نفسي، وإنك لأحب إليَّ من ولدي، وإني لأكون في البيت فأذكرك فما أصبر حتى اّتي فأنظر إليك، وإذا ذكرت موتي وموتك عرفت أنك إذا دخلت الجنة رفعت مع النبيين، وإني إذا دخلت الجنة خشيت أن لا أراك، فلم يرد عليه النبي صلَّ الله عليه وسلم شيئاً حتى نزل جبريل عليه السلام بهذه الآية : (وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقًا)، ويدل الحديث على حب كل من عاصره له وخوفهم الشديد على فراقه حتى أن خوفهم على فراقه امتد للآخرة وليس فراق الدنيا فقد، فأنزل الله آيته الكريمة ليطمئنهم أن من أطاع الله ورسوله فسوف يصحب الأنبياء في الجنة.
أحبه الرجال والنساء، وفضلوه على أنفسهم وأهلهم، أخرج الطبراني عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال : (لما كان يوم أُحد خاض أهل المدينة خيضة وقالوا : قُتِل محمد، حتى كثرت الصوارخ في ناحية المدينة، فخرجت امرأة من الأنصار محرمة فاستقبلت بأبيها وابنها وزوجها وأخيها لا أدري أيهم استقبلت بهم أولاً، فلما مرَّت على أحدهم قالت : من هذا؟ قالوا : أبوك، أخوك، زوجك، ابنك، تقول : ما فعل رسول الله صلَّ الله عليه وسلم؟ يقولون : أمامك، حتى دُفعت إلى رسول الله صلَّ الله عليه وسلم فأخذت بناحية ثوبه، ثم قالت : بأبي أنت وأمي يا رسول الله، لا أبالي إذا سلمت من عطب)، فمن شدة حبها لرسول الله صلَّ الله عليه وسلم لا تبالي إذا أصيب أو مات والدها أو ولدها أو زوجها إذا كان حبيب الأمة بخير.
تنافس الصحابة على حب رسول الله
كان الصحابة رضوان الله عليهم يتنافسون أيهم أحب إلى النبي، فمن أحب أحدًا أراد أن يحبه ويفضِّله، روى أسامة بن زيد عن أبيه قال : (اجتمع علي وجعفر وزيد بن حارثة فقال جعفر : أنا أحبكم إلى رسول الله صلَّ الله عليه وسلم، وقال علي : أنا أحبكم إلى رسول الله صلَّ الله عليه وسلم، وقال زيد : أنا أحبكم إلى رسول الله صلَّ الله عليه وسلم، فقالوا : انطلقوا بنا إلى رسول الله صلَّ الله عليه وسلم نسأله، قال أسامة : فجاءوا يستأذنونه، فقال : أخرج فانظر من هؤلاء، فقلت : هذا جعفر وعلي وزيد، فقال : إئذن لهم، فدخلوا، فقالوا : يا رسول الله من أحب إليك ؟ قال : فاطمة، قالوا : نسألك عن الرجال، فقال : أما أنت يا جعفر فأشبه خلقك خلقي وأشبه خلقي خلقك وإنك مني وشجرتي، وأما أنت يا علي فختني وأبو ولدي وأنا منك وأنت مني، وأما أنت يا زيد فمولاي ومني وإلي وأحب القوم إلي)، فقد فضًّل النبي صلَّ الله عليه وسلم زيد وكرَّم الباقين رضي الله عنهم جميعًا.[3]
معنى محبة الرسول صلى الله عليه وسلم
أن يكون رسول الله صلَّ الله عليه وسلم أحب إليك من نفسك وأهلك ومالك والناس أجمعين، وأن تطيعه وتنصر سنته.
يجب أن تكون محبة الرسول صلَّ الله عليه وسلم صادقة بالشعور والاتباع، فكيف يحب العبد رسوله الكريم ولا يطيعه، وكيف يدعي محبته إذا كان يطيعه دون مشاعر الحب الداخلية، فالمحبة الصادقة هي ما تكون بالقلب والعقل والفكر والعمل حيث تشترك فيها الجوارح جميعها، البعض يبتدعون البدع ويقيمون الموالد ويصرفون العبادة مصارف لم يؤمر بها ومنها ما لا يرضيه تعالى ويظنون أو يدعون حب الله ورسوله وتقديسه بهذه الأفعال.
ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلَّ الله عليه وسلم أتى المقبرة فقال : (السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، وَدِدت أنا قد رأينا إخواننا)، قالوا : أولسنا إخوانك يا رسول الله؟! قال : (أنتم أصحابي، وإخواننا الذين لم يأتوا بعد)، فقالوا : كيف تعرف من لم يأت بعد من أُمتك يا رسول الله؟! فقال : (أرأيت لو أن رجلاً له خيلٌ غر مُحجلةٌ بين ظهري خيل دُهمٍ بهم، ألا يعرف خيله؟) قالوا : بلى يا رسول الله، قال: (فإنهم يأتون غرًّا محجلين من الوضوء، وأنا فرطهم على الحوض، ألا ليُذَادَنَّ رجالٌ عن حوضي كما يذاد البعير الضال، أناديهم : ألا هَلُمَّ، فيقال : إنهم قد بدلوا بعدك، فأقول : سحقًا سُحقًا)، فلا يُعبد الله بالبدع، ولا تُقبل محبة النبي بالبدع، ولمحبة الرسول صلَّ الله عليه وسلم دلائل، إليك الدليل أيها المؤمن أنك أحببت رسول الله صلَّ الله عليه وسلم حقًا :
- نصرته صلَّ الله عليه وسلم في حياته ونصرة سنته والدفاع عنها بعد مماته.
- الحرص على صحبته كما حرص الصحابة رضوان الله عليهم على صحبته في الدنيا والآخرة.
- التأسي بسنته واتباع أوامره وتطبيق منهجه وعدم مخالفته فيما أمر وفيما نهى عنه.
- تبليغ سنته والدعوة إلى دينه، وتبصير الناس بها، ورد الطاعنين في صحتها والرد عليهم.
- عدم الرضا بالإساءة إلى رسول الله صلّض الله عليه وسلم ولا إلى سنته ومنهجه.
- كثرة الصلاة عليه، صلَّ الله عليه وسلم.
- البعد عن البدع، فما لم يرد في الشرع ولم يأمر به رسول الله ولم يفعله فهو بدعة.
- محبة أصحابه رضوان الله عليه جميعًا وتقديرهم واحترامهم.
- محبة آل بيت الرسول وهو : (آل علي، وآل عقيل، وآل جعفر، وآل عباس).
- العمل بوصايا النبي صلَّ الله عليه وسلم.
- التأدب عند الحديث عن الرسول، فهو أولى بالاحترام والذوق والأدب.
- عدم الغلو في محبته ورفعه لمنزلة الله تعالى، فليس لله شريك في الملك.[4][5]