من أبرز أعمال الخليفة محمد بن عبدالله المهدي ما يأتي:
- توسعة الحرمين الشريفين.
- العناية بطرق الحج بين مكة والعراق.
- تنظيم البريد وتكثيف خدماته.
- بناء دور للمرضى.
الخليفة محمد بن عبدالله المهدي هو الخليفة الثالث للدولة العباسية بعد أبي العباس السفاح وأبي جعفر المنصور، وقامت الدولة العباسية بعد الثورة العباسية بالرايات السوداء التي قام بها أبو مسلم الخراساني لقيام الدولة العباسية وإزالة الدولة الأموية، حيث أن العباسيين دائمًا ما كانوا يعتقدون أنهم أحق بالخلافة من بني أمية لأنهم من آل البيت ولكن الخلافة باءت للأمويين لفترة طويلة من الزمن، ولما أحس العباسيون بوهن الدولة الأموية وضعف الأمراء الذين جاءوا بعد هشام بن عبدالملك، خططوا للاستيلاء على الخلافة بمساعدة أبي مسلم الخراساني ومساعدة بعض الفرس المسلمين وأقاموا دولتهم بالفعل بعد استيلاء أبو مسلم على خراسان ثم انتقلوا إلى الكوفة ونقلوا العاصمة من دمشق إلى بغداد.
انتهج العباسيون نهجًا دمويًّا منذ صعدوا إلى الخلافة، فتولى أبو العباس السفاح الذي كان أساس هذا النهج فكان يقتل كل من يظن أنه ما زال يريد الدولة الأموية أو أي شخص يعارضه، وبعده أبي جعفر المنصور، ولكن الخليفة محمد بن عبدالله المهدي استطاع تبديل هذا النهج وكأنه كان يريد إصلاح تاريخ الدولة الذي لم يمر عليها إلا عدد صغير من السنين لذلك اقترب من الناس، فكان عهده عهد انتقال من عصر الشدة والقمع إلى عصر الاعتدال في عهده وعهد الخلفاء من بعده وامتاز عهده بالهدوء لذلك تميز عهده بوجود الكثير من الإصلاحات ومنها:
توسعة الحرمين الشريفين: استمر حكم الخليفة محمد المهدي لمدة تصل لعشر سنوات فامتاز عهده بالكثير من الإصلاحات استرضاءً للناس، وأهم من قام باسترضائهم هم أهل الحجاز وحج عام 160ه لأن الخليفة المنصور قد عاملهم بشدة بفعل مساندتهم لحركة محمد النفس الزكية، فقام بتوزيع أموال طائلة عليهم وقام بإعادة الغلال والحبوب القادمة من مصر والشام إليهم بعدما قطعها المنصور عنهم وضم عددًا من الجنود الحجازيين إلى جنده في سبيل رضاهم.
أهم ما قام به الخليفة في الحجاز هو توسيع الحرمين الشريفين في مكة والمدينة المنورة وأدخل في ذلك دورًا كثيرة، فقام بتوسيع المسجد الحرام وترميم داخله وما حوله، كما قام بتوسيع مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة وأضاف إلى الحرمين الكثير من الخدمات لخدمة الحجاج والمعتمرين.
العناية بطرق الحج بين مكة والعراق: قام الخليفة محمد المهدي بالاهتمام بالطريق الذي يربط بين بغداد ومكة المكرمة، فقام ببناء المحطات على الطريق وقام بزيادة ما كان قد أقامه السفاح، وكان طريق مكة به بعض المنازل التي بناها الخليفة المنصور ولكنه تركها كما هي دون هدم أو تغيير، كما قام ببناء الأحواض التي تملأ من الآبار لسقاية القوافل ووضع الكثير من الحراس عليها لحمايتها، ثم قام ببناء القصور لاستراحة الأمراء وبناء البرك، كما أمر بترك المقاصير في مساجد الإسلام.
تنظيم البريد وتكثيف خدماته: كان الخليفة محمد بن عبدالله المهدي أول من عمل البريد من الحجاز إلى العراق، حيث أمر فتم إنشاء البريد من المدينة النبوية ومن اليمن ومكة إلى الحضرة بغالًا وإبالًا، مما سهل التواصل بين المسلمين في اليمن والحجاز والعراق ومصر وهذه كانت من أعظم إنجازات الخليفة، ومن خلاله استطاع القبض على الكثير من الزنادقة والملاحدة المتآمرين.
بناء دور للمرضى: ازدهرت حياة الناس في عهد الخليفة المهدي فقد اعتدل في خلافته عمن سبقوه، فاهتم بالناس كثيرًا وقام بإغداق الأموال عليهم، وأكثر من الأعطيات التي كان يعطيها للمرضى وفوق هذا قام ببناء الكثير من دور المرضى والمستشفيات في كل المناطق في الدولة الإسلامية، فرضي الناس عنه وعن خلافته فقد كفر المهدي عن المظالم التي ارتكبها السفاح والمنصور ضد الأمويين والعلويين.
بالرغم من الحياة المترفة التي نشأ فيها المهدي إلا أنه كان يجل الدين إجلالًا كبيرًا، وكان يميل بشدة إلى اتباع السنة ولا يخالفها، لذلك قام بمطاردة الزنادقة والملاحدة الذين كثروا بسبب الحياة المترفة والمزدهرة التي قام بها المهدي في عهده بالإضافة للإصلاحات الكثيرة التي قام بها في عهده.[1][2][3]
من هو الخليفة محمد بن عبدالله المهدي
الخليفة أبو عبدالله محمد المهدي، وهو محمد بن عبدالله بن محمد بن علي بن عبدالله بن عباس، والذي ولد في الحميمية من أرض الشراة في عام 126ه وأمه هي أروى بنت منصور الحميرية، نشأ الخليفة المهدي في بيت الخلافة وعني أبوه المنصور بتثقيفه دينيًّا فبعث به إلى المفضل الضبي فمال المهدي إلى العلم والأدب، ولما بلغ الخامسة عشرة من عمره اهتم الخليفة المنصور بإعداده لمنصب الخلافة بتدريبه على أمور االحرب والإدارة وقام يالإعلان عن كونه وليًّا للعهد عام 147، ثم تزوج المهدي بربطة بنت الخليفة السفاح، وكان يتصف بصفات حميدة كثيرة منها الكرم واللين والفطنة، كما انه كان محببًا إلى الرعية حسن الاعتقاد حيث قام بتتبع الكثير من الزنادقة وأفنى منهم الكثير.
عندما مات المنصور، بويع بالخلافة وهو عمره ثلاثة وثلاثين عامًا، قام المهدي بالكثير من الإصلاحات على الكثير من المستويات في الدولة العباسية حتى ازدهرت، فاهتم بالتجارة وأنشأ شبكة الطرق التجارية جعلت من بغداد العاصمة مركزًا تجاريًّا عالميًّا، كما أصبح الشعر والأدب من مميزات عصره، وسن الخليفة المهدي كسوة الكعبة الجديدة كل عام مع الحج وقام بتحصينات للمدن وخاصة مدينة الرصافة، وولى الأمناء في المناطق المختلفة في الدولة ليوافوه بأخبار الولاة باستمرار، وهو أول خليفة جلس للمظالم للعدل بين الناس وحل مشاكلهم.[1][3]
الوزارة في عهد الخليفة المهدي
لم يكن للوزارة ولا الوزراء شأن في عهد الخليفة السفاح أو الخليفة المنصور، بل لم تكن الإداريات واضحة بهذا الشكل كما في عهد المهدي، فقد عُني المهدي بأمور الدولة الإدارية حيث عُني بالوزارة لأنها الرأس المشرف لإدارة الدولة، فصار للوزارة في عهده شأن عظيم وقام بإحالة الوزارة إلى وزيره الذي كان يثق فيه كثيرًا وهو أبي عبيد الله والذي كان اسمه معاوية بن يسار وكان هذا الأخير من كبار رجال الدولة وأكثرهم علمًا وإخلاصًا، فقام بعمل الوزارة خير قيام، وكان الخليفة المنصور قد عزم على أن يوليه منصبًا كبيرًا ولكنه فضل عليه ابنه المهدي فكان معاوية قائمًا على كل شؤونه لذلك كان يثق فيه كثيرًا.
استمر معاوية في منصبه مستوليًا على مكانته حتى وشى الواشون به إلى الخليفة فأوقعوا بينه وبين الخليفة، فكان الخليفة المهدي كثير الإنكار على الزنادقة الذين كثروا في عهده، وكان كثير التتبع لهم والقضاء عليهم لا يرحمهم، وكان للمهدي أحد المقربين اسمه الربيع الحاجب وكان يطمع في منصب معاوية أبي عبيد الله، ورأى أن هذه الطريقة الوحيد للإفساد بينهم وقام بإخبار الخليفة أن أبي عبيد الله له ابن زنديق مارق ويحمي الزنادقة، ولأن الخليفة كان سماعًا فقام باستجواب أبي عبيد الله وأحضر ابنه، وسأله الخليفة أن يقول شيئًا من القرآن ولكنه لم يعرف فاستجوب أبي عبيد الله عن عدم حفظه للقرآن لأنه كان قد أخبره أن ابنه يحفظ القرآن، فأجاب بأن نعم ولكن ابنه فارقه منذ زمن ونسيه فأمره الخليفة بقتله فلم يستطع فقتله الخليفة وساءت الحالة وقام بعزله من منصبه، وتولى مكانه أبو عبدالله يعقوب وبعده أشخاص آخرون، ولكن الوزارة توطدت بمن تولاها من الأكفاء من العلم والإدارة بعد ذلك.[1][3]